(وَهُوَ الَّذِي لاَ يَمْنَعْ نَفْسُ تَصَوُّرِ) (نَفْسُ) قلنا: ذات، (تَصَوُّرِ) يعني: فَهْم.
(مَفْهُومِهِ) أي: مدلوله.
قوله: (من حيث إنه متصوَّر) دفَعَ به ما أورد من أن قابل الاشتراك المفهوم الكلِّي المتصوَّر، لا تصوره .. تصوُّر مُتصوَّر.
التصور فعل الفاعل .. أنت، فعلُك جزئي لأنك أنت جزئي، ومن قام بالجزئي جزء.
والذي يَمنع نفسُ تصور مفهوم وقوع الشركة فيه هو المعنَى، هو المتصوَّر لا فِعل الفاعل.
فعل الفاعل وما قام به جزئيٌ، ولذلك قيَّده هنا قال: (من حيثُ) هذه للتقييد.
(من حيث إنه متصوَّر) يعني: باعتبار ما تُصوِّر لا باعتبار التصور نفسِه أو المتصوِّر فإنه جزئيٌ في الحالين، وأما المتصوَّر هو الذي عليه الحُكم، ولذلك قيَّده.
قال هنا: (دَفَع به ما أُورد من أن قابل الاشتراك) الذي يقبل الاشتراك الذي هو معنى الكلِّي (المفهوم الكلِّي المتصوَّر) اسم مفعول بالفتح.
(لا تصوُّره) تصوره هذا فعلُك أنت .. فعل الفاعل وهو جزئي، كل حدثٍ يقع منك فهو جزئي؛ لأنه صادرٌ عن جزئي.
فإنه جزئي لا يقبل الاشتراك لقيامه بالنفس الجزئية، وجزئية المحل تستلزم جزئية الحالّ.
وحاصل الجواب: أن المراد لا يمنع مفهومُه من حيثُ تصورُه.
يعني: العبرة بالمتصوَّر لا بالتصوُّرِ.
قال: وقوع الشرِكة فيه بحيث يصح حملُه على كل فردٍ من أفراده.
قال: (والمعتبر هنا في الحمل هو الاتحاد في الخارج، وهذا لا ينافي التغاير في العقل، بل لا بد له من التغاير فإن الحملَ هو اتحاد المتغايرَين ذهناً في الخارج محقَّقاً أو موهُوماً).
(بحيث يصح حملُه) أي: الكلِّي، تصويرٌ للشرِكة فيه، على كل فردٍ من أفراده بأن تقول: زيدٌ إنسان، وعمروٌ إنسان، وبكرٌ إنسان.
قال: (فإن مفهومه) يعني: مفهوم الإنسان (إذا تُصوِّر) يعني: تُعقِّل في العقل، عُرِف المراد به، ومعناه ومدلوله (لم يمنع من صدقه على كثيرين) يعني متعدِّد: اثنان فأكثر، ولا يستلزم أن يكون ثم عدد لا نهاية له.
قال: (سواءٌ وُجِدت أفرادُه في الخارج وتناهت كالكواكب أم لم تتناهى).
(سواءٌ) هذا راجعٌ لقول المصنف: (الكلِّي) وليس لقوله: (فإن مفهومه).
يعني: أراد هنا أن يشرَع في تقسيم الكلِّي إلى ستة أنواع، لا تقسيم المفهوم وإنما في تقسيم الكلِّي، فيقال: الكلِّي له تقسيمات باعتبارات مختلفة، وهنا التقسيم باعتبار أفراده.
قال: (سواءٌ) راجِعٌ لقول المصنف: الكلِّي، وليس لقوله: فإن مفهومه .. إلى آخره، كما قد يتوهم، وإلا لزم تقسيم الشيء إلى نفسه وإلى غيره.
(سواءٌ وُجدت أفرادُه) أي: الكلِّي.
قال: أراد به تقسيم الكلِّي ستة أقسام. على المشهور عند المتأخرين.
وذلك أن المتقدمين قسَّمُوه إلى ثلاثة أقسام، المتقدمين يعني: من المناطقة، والمتأخرون خالفُوهم.
يعني: فصَّلوا ما أجملوه، هذا المراد.
قسَّموه إلى ثلاثة أقسام على جهة الإجمال، وجاء المتأخرون فصَّلوا فجعلوا كل قسمٍ قسمين فصارت ستة.
وذلك أن المتقدمين قسّموه إلى ثلاثة أقسام:
ما وُجد له أفراد .. كُلّي له أفراد.
وما وُجد له فردٌ. يعني: كُلّيٌ له فردٌ واحد فقط.