(ما لا يدل جزءه على شيء) دخل فيه نوعان: ما ليس له جزء، أو له جزء ولا معنى له. اختص هذا النوع بهذا التعريف فهو المفرد.
(ومركَّب وهو ما لجزئه دلالةٌ على غير المعنى المقصود كعبدِ الله علماً) عبد له معنى، ولفظ الجلالة له معنى. لكنه ليس داخلاً تحت عبد الله علماً.
(ومؤلَّف وهو ما دل جزءه على جزء معناه) يعني "بالمعنى السابق": أن يكون له جزء، وهذا الجزء له معنى، ثم اللفظ له جزء معنى كذلك ويدل هذا الجزء على جزء معنى اللفظ، فيصدُق على ما سبق.
فحينئذٍ اختُص عبدُ الله علماً بكونه "على هذا التعريف أو هذا التقسيم" بكونه مركّباً لا مؤلَّفاً.
قال هنا: (وإذا تأملت في التعريفين الآتيين وجدتهما متباينين) هو يقول: من أراد به ما هو أخص منه، جعَلَ بينهما علاقة يعني: بين المركب والمؤلَّف، لكن إذا نظرت في التعريفين وجدت بينهما تباين.
(لأنه اعتبر في المركب دلالة الجزء على غير المعنى المقصود، وفي المؤلَّف دلالة الجزء على جزء المعنى المقصود).
ولعل المراد بالأخصية هنا قلة الأفراد "يعني: اعتذار عنه" إذ المؤلَّف على هذا القول أقل أفراداً من المركب؛ إذ المركب صادقٌ بصورتين كما سيأتي، والمؤلف خاصٌ بصورة واحدة.
على كلٍ الصحيح: أنه لا فرق بين المركب والمؤلَّف، كلاهما سيّان.
سواءٌ كان له معنى وهذا المعنى غير مقصودٍ أو لا، نقول: هذا لا يسمى مركباً وإنما يسمى مفرداً على اصطلاح المناطقة.
فعبد الله علماً يسمى مفرداً سواء كان له معنى سلّمنا له أو قلنا صار نسياً منسياً، حيوانٌ ناطق له معنى نعم لكنه غير مقصود باللفظ، فهو كذلك مفردٌ غير مركّب.
قال هنا: (والمراد بالإرادة الإرادة الجارية على قانون اللغة).
أين الإرادة (المراد بالإرادة)؟ الذي تضمنها قوله: يراد، لا يراد. في التعريف.
ما المراد بالإرادة؟ يعني: كل واحد يريد من عنده فيجعل للَّفظ معنًى وأجزاءً أم أنه لا بد أن يجري على قانون اللغة؟ لا بد أن يجري على قانون اللغة، فلا يدَّعي مدَّعٍ بأن زيد (ز) لها معنى عنده هو، ثم دل جزءه على جزء المعنى.
فأراده، إرادتُك هذه نقول لا قيمة لها؛ لأن العبرة بقانون اللغة، هذا المراد هنا.
(والمراد بالإرادة) يعني: في الحد السابق.
(الإرادةُ الجاريةُ على قانون اللغة) أي: القواعد المأخوذة من تتبع كلام أهلها -العرب يعني- (وهي الإرادة الجارية على مقتضى تلك القواعد).
لكن ليس المراد هنا اللغة العربية على جهة الخصوص؛ لأن المنْطِق ليس خاصاً باللغة العربية، وإنما كل لغة على حسب ما عندهم من قواعد، ولذلك قال العطّار: أي: قواعدها وما يقتضيها اصطلاحُها.
وليس المراد هنا باللغة خصوصَ اللغة العربية، بل المراد عموم اللغات؛ إذ بحث المنْطِق عن اللفظ ليس مختصاً بلغة من اللغات بل عام.
(حتى لو أراد أحدٌ بألف الإنسان) لو أَسقط "أل" لكان أو لى (مثلاً معنىً، لا يلزم أن يكون مؤلَّفاً) صحيح؟
لو أراد أحدٌ أن يجعل إنسان إنسان، الألف قال: لها معنى عندي، وأنه دالٌ على جزء المعنى الذي دل عليه إنسان، الألف هذه أكني بها عن حيوان، وهو داخلٌ تحت معنى إنسان، يُقبل؟ لا يُقبل؛ لأن هذه ألف حرف مبنى، وكل حرف مبنى لا معنى له.
إذاً: إرادتُه غير معتبرة.