(وقيل: وضعِيتان) وعليه أكثر المناطقة.
هنا خالفهم المصنف قال في الأُولى: (والأخريان عقليتان) جزم به، قدَّم هذا القول.
وهنا قال: (وقيل) تضعيف أو حكاية قول.
(وضعيتان؛ لأن وضْع اللفظ للمجموع كما أنه واسطةٌ لفهم المجموع منه، واسطةٌ لفهم الجزء واللازم. وعُزِي هذا لقول للأكثرين).
يعني: دلالة التضمن وضعية، ودلالة الالتزام وضعية.
أما القول بأن دلالة التضمن وضعية فهذا هو الأصح وهو قول الأصوليين؛ لأن الكل وضْع، وجزء الوضعي وضعيٌ.
فالذي وَضَع اللفظَ للمعنى المركب هو الواضع، ثم هذا الاستعمال من أين أخذناه؟ استعمال الكل في البعض، سواءٌ كان حقيقة أو مجازاً من أين أخذناه؟ من الواضع نفسه.
فالذي وَضَع اللفظ للكل كذلك وضعه للجزء، لكن باعتبار أن جزء الوضع وضعي.
فحينئذٍ نقول: دلالة التضمن الصحيح أنها وضعية؛ لأن اللفظ استُعمل في بعض ما وُضع له.
لم نخرج عن الوضعي، وأما العقلي الذي يستند إلى العقل فهذا إنما يكون لشيءٍ خارجٍ عن اللفظ، فدلالة الالتزام لا شك أنها عقلية؛ لأن الواضع وَضع اللفظ للمعنى، ثم هذا المعنى له لازمٌ خرجٌ عنه.
الواضع وضَعَ اللفظ للمعنى للملزوم لا للازم، فانتفى عندنا الوضع، وإنما كان المدار على العقل.
قال هنا: (وقيل: وضْعِيتان؛ لأن وضعَ اللفظ للمجموع كما أنه واسطةٌ لفهم المجموع منه واسطةٌ لفهم الجزء واللازم، وعُزي هذا لقول الأكثرين، وعليه أكثر المناطقة).
ولم يذكر قول الأصوليين، وهذا غريب، قول الأصوليين هو: التضمنية وضعية والالتزامية عقلية، فهي ثلاثة مذاهب.
والذي قدَّمه المصنف (والأُخريان عقليتان) مذهبُ البيانيين.
عندنا ثلاثة مذاهب: مذهب المناطقة: أن الكل وضعي: المطابقية والتضمنية والالتزامية. كلها وضعية.
مذهب البيانيين: أن المطابَقية وضعية، والتضمنية والالتزامية عقلية، وهو الذي قدَّمه المصنف قال: (والأُخريان عقليتان) وهذا مذهب البيانيين، أكثر البيانيين على هذا.
مذهب الأصوليين وهم أهل التحقيق في هذا المقام في المعاني، هم غوَّاصون في المعاني وهو صحيح: أن المطابقية والتضمنية وضعية "وهذا هو الصحيح"، وأن الالتزامية عقلية. هذا هو المرجَّح.
قال هنا: وقيل: التضمنية وضعية كالمطابَقة، والالتزامية عقلية؛ لأن الجزء داخلٌ فيما وُضع له بخلاف اللازم، فإنه خارجٌ عنه. واختاره الآمدي وابن الحاجب وهو الصحيح.
قال هنا: (واللوازم ثلاثةٌ: لازمٌ ذهناً وخارجاً) هذا أراد به تفسير .. يدل على ما يلازمه في الذهن.
قال هناك: (سواء كان خارجاً أو لا) أراد هنا أن يفصِّل لنا اللازم وهي ثلاثة أنواع قال: (واللوازم ثلاثة) هذا شُروعٌ في تقسيم اللازم إلى الأقسام المذكورة، وبيان أن المراد منها عند المناطقة هو اللزوم الذهني.
ولذلك قال: (واللوازمُ ثلاثة: لازمٌ ذهناً وخارجاً).
عرفنا المراد لازماً ذهناً وخارجاً.
(كقابِل العلم، وصنعة الكتابة للإنسان) هذا في الذهن وفي الخارج.
(وكالزوجية للأربعة) يعني: في الذهن العقل يلزم منه كون الإنسان حيواناً ناطقاً أنه قابل للعلم وقابل لصنعة الكتاب، في الخارج الوجود كذلك.
الداخل والخارج واضح المعنى؟