ولذلك قال هنا: (فالتضمن والالتزام يستلزمان المطابقة؛ لأنهما تابعان لها والتابع من حيث هو تابع لا يُوجد بدون المتبوع).

والمطابقة هل تستلزم التضمن؟ لا تستلزم؛ لأن مدلولها بسيط.

مدلولُ المطابقة قد يكون بسيطاً وقد يكون مركباً، إذاً: إذا كان مدلول المطابقة بسيطاً حينئذٍ لا يُتصور وجود التضمن لأن دلالة التضمن لا تكون إلا في المعاني المركبة.

قال: (والمطابقة لا تستلزم التضمن؛ لأن مسمى اللفظ قد يكون بسيطاً كالوحدة والنقطة، فهو يدل عليه بالمطابقة، ولا تضمن لانتفاء الجزء، ولا الالتزام).

هل المطابقة تستلزم الالتزام؟ لا تستلزم؛ لأنه قد يكون المعنى لا لازمَ له.

فلا تلازم بينهما لانفكاك التضمن عن الالتزام في المركبات الغير الملزومة، والانفكاك عنها في البسائط الملزومة ولم يتعرض الشارح لهذه لِفهْمِها مما ذُكر.

قال رحمه الله تعالى: (وأفهم قولُه إن كان له جزءٌ) يعني: في تعريف دلالة التضمن.

(أن المطابقة لا تستلزم التضمن) أي: لا يلزم من وجود المطابقة في كل مادة وجود التضمن.

إذ قد توجد المطابقة بدونها كما في البسائط، لفظ نقطة مدلول النقطة، شيءٌ واحد لا يتجزأ، فحينئذٍ ليس له جزء.

إذاً: هذه دلالة مطابقة ولا يمكن أن يكون عندنا دلالة تضمن.

إذاً: وُجدت المطابقة دون التضمن "يكفي هذا"، قد يجتمعان، لكن المراد هنا انفراد المطابقة عن التضمن.

قال هنا: (وكذا لا تستلزم الالتزام خلافاً للفخر الرازي).

(وكذا لا تستلزم الالتزام) هنا فصَلها عما سبق، الحديث في المطابقة (لا تستلزم التضمن) قال: (وكذا) يعني: جاء بالكَذْلَكة، لماذا جاء بالكذلكة؟ الشُرَّاح هؤلاء لا يأتون بلفظٍ في الأصل إلا له مغزى .. له معنى.

لما أراد أن يفصِل الثانية عن الأخرى لذكر خلاف الرازي لئلا يُتوهم أن خلاف الرازي للمعنيين، ففصَلها قال: (وكذا) وإلا الأصل أن يقول اختصاراً: أن المطابقة لا تستلزم التضمن والالتزام خلافاً للرازي. يظن الظان أنه خالف في المسألتين وليس الأمر كذلك.

ولذلك في مثل هذه المواضع يأتي بالكذلكة يسمونها الكذلكة: وكذا، وكذلك .. إلى آخره.

قال: (وكذا لا تستلزم) يعني: المطابقة (الالتزامَ خلافاً للفخر الرازي) فإنه قال: إن المطابَقة يلزمها الالتزام، كلما وُجدت المطابقة لزمها الالتزام.

لأن لكل ماهيّة لازماً ذهنياً .. كل ماهيّة لها لازم.

وأقلُّه أنها ليست غيرها. هذا تكلُّف، فإذا قلت: هذا ماء مسماه الماء، إذاً: ليس بأكلٍ ولا شرب .. إلى آخره، فليست غيرها.

إذاً: يلزم من مسمى هذا الماء، هذا معنى ماء هذا لفظٌ مسماه هذا.

له لازم وهو أنه غير فرش، وغير مسجد، وغير خبزٍ .. وقُل ما شئت؛ لأنه لا تتصور الماء إلا إذا تصورت هذه الأشياء ونفيتها، هل هذا وارد؟ قد يرد في بعض الأحوال لكن الغالب لا يرد، إذا قيل: هذا ماء اكتفيت بمدلوله وانتهى الأمر.

لكن ما يتصور الإنسان في نفسه أنه ماء إلا إذا تصور أن هذا المسمى غيرُ غيرِه! نقول: هذا ليس بوارد.

قال: وأقله أنها ليست غيرَها، والدال على الملزوم دالٌ على لازمه البيّن بالالتزام.

وأُجيب عن قول الفخر: بأن قوله: كونُ المعنى ليس غيره لازماً بيناً، إن أراد أنه بيّنٌ بالمعنى الأخص فممنوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015