نعود فنقول: من المعاني الزاخرة في خبر وفاة رسولنا صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى لما قبض نبينا صلى الله عليه وسلم أبقى على معجزته الخالدة وهي القرآن، ولهذا مر معنا أن شوقي يقول: جاء النبيون بالآيات فانصرمت وجئتنا بحكيم غير منصرم آياته كلما طال المدى جدد يزينهن جلال العتق والقدم فالنبي صلى الله عليه وسلم وإن مات إلا أنه تركنا على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وقال: (كتاب الله وسنتي)، فأوفى صلى الله عليه وسلم أمته من بعده، فتدبر القرآن وتدبر سنته، وهو صلى الله عليه وسلم أقام لنا مجداً عظيماً وديناً قيماً على ملة أبيه إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه.
ثم بعد ذلك لما توفاه الله جل وعلا كان عليه الصلاة والسلام قد أدى ما عليه، وأكمل تبليغ الرسالة، ولذلك حرص عليه الصلاة والسلام أن يُشهد الناس فقال: (أما وإنكم ستسألون عني فما أنتم قائلون؟ فقالوا رضي الله عنهم -وهم أكرم جيل وأمثل رعيل-: نشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة)، ونحن نشهد أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قد أدى الأمانة، ونصح الأمة، وبلغ رسالة ربه على الوجه الأكمل والنحو الأتم صلوات الله وسلامه عليه.