فهذا يفيد أن عواطف الناس تختلف، والتعبير عن تلك العواطف يتباين، وبعض من الناس كتب الله لهم الفقه -وهذا من توفيق الله- كيف يصلون إلى حاجاتهم، وليس أن غيرهم أغبياء لكن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فمثلاً اشترى النبي صلى الله عليه وسلم جملاً من أعرابي، فاتفقا على القيمة، فزاده بعض الصحابة دون أن يدري أن النبي عليه السلام قد اشتراه، فطمع الأعرابي في مال الصحابة فأنكر أن يكون قد باع الجمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء خزيمة بن ثابت وقال: أنا أشهد أنك بعته الجمل بكذا وكذا، ولم يكن حاضراً، فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم منه فقال: يا رسول الله! أصدق في خبر السماء أفلا أصدق بأنك بعت أو اشتريت جملاً بكذا وكذا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين، رغم أننا نعلم أن الصحابة جميعاً يصدقون بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فكلهم مؤمنون به، بل فيهم من هو أشد إيماناً ويقيناً برسول الله من خزيمة بن ثابت، لكن: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:21].
ومثله تقريباً أبو أيوب الأنصاري عندما أخذ رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدخله داره، وفاز بإيواء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: (المرء مع رحله).
يقول أهل العلم: إن الإخلاص من أعظم أسباب التوفيق، فما رفع شيء إلى السماء كما حررنا سالفاً أعظم من الإخلاص، ولا نزل شيء من السماء أعظم من التوفيق، وقد قال الله حكاية عن العبد الصالح: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88].