وقد منَّ الله جل وعلا على الصديق بأن يكون صاحب نبينا صلى الله عليه وسلم في هجرته، وقد ذكر المؤرخون أن عمر رضي الله تعالى عنه هاجر جهاراً، وفعل ذلك بعض الصحابة غير عمر، فلماذا هاجر عمر جهاراً وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم خفية؟ هناك جملة أسباب عديدة لكن من أهمها: أن النبي صلى الله عليه وسلم موضع قدوة، فهو يقول: (الضعيف أمير الركب)، فالأحكام الشرعية تأتي على حال الإنسان الأضعف، ولا تأتي على حال الإنسان الأقوى، فنبينا صلى الله عليه وسلم قدوة بخلاف عمر، وعمر قدوة في أفعاله التي وافق فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما اجتهد فيه فيبقى مثله مثل سائر الأصحاب رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، لا تكلف ما لا تطيق؛ لأن الله جل وعلا رفع عنا العسر ووضعه عنها ببعثة نبينا صلى الله عليه وسلم، فهذا من أعظم الأسباب في أن النبي صلى الله عليه وسلم أخفى هجرته بخلاف بعض الصحابة كـ عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه فيما ذكره المؤرخون عنه.