ومن باب الاستطراد في الحديث فقد العلماء في مسألة: هل يدخل مؤمنو الجن الجنة أم لا؟ فبعض العلماء يقول: إنهم يدخلونها لكن لا يسكنون في بحبوحتها، وإنما على أطرافها، وبعضهم يقول: إنهم لا يدخلون الجنة، وإنما جزاؤهم: أنهم لا يعذبون في النار.
وبعضهم يقول: إنهم يدخلونها، لكن يعاقبون بأن يراهم بنو آدم وهم لا يرون بني آدم، أي: عكس ما حاصل في الدنيا، وهذه كلها اجتهادات علماء، لكن الذي عليه أكثر المفسرين وهو الحق إن شاء الله أنهم يعاملون مثل غيرهم من المؤمنين؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:46 - 47]، فهذا وعد من الله، والله جل وعلا أجل من أن يخلف وعده، والخطاب للجن والإنس، وهذا القول حرره ابن كثير رحمة الله تعالى عليه ودافع عنه وهو الحق إن شاء الله: أنهم يعاملون يوم القيامة معاملة غيرهم من الناس، وهذا ظاهر القرآن والسنة، والعلم عند الله.
وهؤلاء الجن كما قلنا منهم مؤمنين ومنهم كفار، منهم من آمن بنبينا صلى الله عليه وسلم ولهم ذراري وأتباع، ومنهم -وهذا الكثير- من هو كافر مكذب برسول الله صلى الله عليه وسلم.