"وروى ابن حبان من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "لا تجزيء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" وهذا يؤيد التأويل الذي ذكرناه أنه لا صلاة صحيحة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.
يقول المؤلف: "وقد أعل" يريد لفظ: "لا تجزئ" أعل، واللفظ المحفوظ: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وأما قوله: "لا تجزئ" لفظ أعل لتفرد زياد بن أيوب بهذه اللفظة، وكأنه رواها بالمعنى وإلا فهو ثقة، لكن خالفه جماعة الرواة بلفظ: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وهو الصحيح وهذا هو الإعلال.
"وعن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر" وسيأتي في رواية مسلم: "وعثمان"، "كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين" رواه البخاري" وفي لفظ: "كانوا يفتتحون الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين".
"كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين" التكبير لا بد منه، وجاء ما يدل على أن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها، فكيف يفتتحون الصلاة؟ المراد يفتتحون القراءة وإلا فالصلاة تستفتح بالتكبير، وبعد التكبير دعاء الاستفتاح كما سبق "أرأيت سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول؟ " وكل هذا مطوي في هذه الرواية، والاستعاذة والبسملة ثم الحمد لله رب العالمين، والمقصود بذلك السورة، فلا يتم الاستدلال به على عدم قراءة بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن المراد قراءة السورة.
"رواه البخاري، وروى مسلم: "صليت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة، ولا في آخرها" "يستفتحون بالحمد لله رب العالمين" هذا معروف في الصحيحين، ولا مطعن فيه ولا إشكال، ومعروف أن هذا بعد التكبير والاستفتاح الذي تقدم ذكره في الأحاديث الصحيحة.
الإشكال في قوله: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها" وهذا في صحيح مسلم.