قال: وقد ضعف الخطيب وغيره رواية مسلم بلا حجة، وفي لفظ لأحمد والنسائي وابن خزيمة والدارقطني: "فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم" وأيضاً في لفظ لابن خزيمة والطبراني: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم وأبو بكر وعمر" زاد ابن خزيمة: "في الصلاة".
فعندنا الرواية الأولى المخرجة في البخاري كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، ورواية مسلم: "صليت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها" في أول قراءة يعني قبل الفاتحة، ولا في آخرها، إما أن يقال: هذا مبالغة في النفي، وإلا آخر القراءة ما فيها بسملة، وإنما يقال مثل هذا مبالغة في النفي، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في الكسوف: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) ما في أحد من المشركين ولا من غيرهم قال: إن الشمس تنكسف لحياة فلان أو علان، إنما قالوا: تنكسف الشمس لموت فلان، وقالوا: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فما في أحد قال: إن الشمس تنكشف لحياة، إنما يذكر المقابل للمبالغة في النفي، وهنا قال: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها".
الخطيب ضعف هذا الحديث بلا حجة، كما يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-، هذا الحديث المحفوظ منه يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، هذا متفق عليه، ولا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها قرر جمع من أهل العلم أن هذا من فهم الراوي، فهم الراوي للخبر أنهم إذا كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، فما الذي قبل الاستفتاح؟ إذا افتتح الشيء بشيء يدل على أنه لا شيء قبله؛ لأن الافتتاح هو الأول، أولية مطلقة، فهم الراوي من قوله: "يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها، ومثل به الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- لعلة المتن، وقال:
وعلة المتن كنفي البسمله ... إذ ظن راوٍ نفيها فنقله