الإمام والمنفرد ركن في حقهما عند الأئمة الثلاثة خلافاً للحنفية، وأما بالنسبة للمأموم فاندراجه في عموم (من) ظاهر، فتتعين الفاتحة في حقه ولو قرأ إمامه، وهذا المعروف عند الشافعية، وهو المرجح لأحاديث الباب، ويرى غيرهم أن المأموم لا قراءة عليه مطلقاً، ومنهم من يقول: إنه لا قراءة عليه فيما يجهر به الإمام، وإذا قرأ فأنصتوا على ما سيأتي {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] وهذا يشمل الصلاة وخارج الصلاة.
على كل حال يستدل الشافعية على وجوب القراءة على المأموم بعموم حديث الباب، وأنه لا يوجد ما يخرجه من هذا العموم كما يوجد ما يخرج المسبوق، والمعروف عند المذاهب الأخرى أن المأموم لا قراءة عليه مطلقاً.
وجاء في الخبر: ((قراءة الإمام قراءة لمن خلفه)) وهذا الحديث فيه كلام لأهل العلم، ومنهم من يفرق بين الصلاة الجهرية والسرية؛ لعموم الأمر بالإنصات، إذا قرأ فأنصتوا {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] والأحاديث في هذه المسألة متعارضة وكثيرة، والاستدلال من الطرفين طويل جداً، لكن المرجح أن قراءة الفاتحة ركن في حق كل مصلٍ عدا المسبوق؛ لوجود ما يخرجه من عموم الحديث، وأما من عداه فيتجه إليه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)) وسيأتي ما يخصص الفاتحة من الأمر بالاستماع ((ما لي أنازع القرآن لعلكم تقرؤون خلف إمامكم)) سيأتي كل هذا، لكن الخلاصة أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام والمأموم والمنفرد، ولا يخرج من هذا العموم إلا المسبوق.
((بأم القرآن)) التي هي فاتحة الكتاب كما في الرواية التي تليها، وهي الحمد لله رب العالمين، كما ستأتي الإشارة إلى ذلك في الأحاديث اللاحقة، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم، ويطلق عليها الصلاة؛ لأهمية قراءتها في الصلاة، وأن الصلاة لا تصح إلا بها، ففي صحيح مسلم: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)) قسمت الصلاة والمراد بالصلاة هنا سورة الفاتحة.