أما استعمال (من) على عمومها، وحفظها من التخصيص، فقال به أبو هريرة -رضي الله عنه-، والإمام البخاري، ورجحه الشوكاني، وأن كل مصلٍ لا تصح صلاته إلا إذا قرأ الفاتحة، فعلى هذا المسبوق الذي يدرك الركوع لا يدرك الركعة حتى يقرأ بفاتحة الكتاب، عند من ذكرنا: أبو هريرة، البخاري، وهو المرجح عند الشوكاني، وجمع من أهل العلم، لكن هؤلاء هم الذين أبرزوا القول ونصروه، ولا شك أن دخول المسبوق ظاهر في عموم (من) فهل هذا العموم محفوظ أو غير محفوظ؟ الذين قالوا: إن المسبوق لا تلزمه قراءة الفاتحة استدلوا بحديث أبي بكرة، وأنه جاء والنبي -عليه الصلاة والسلام- راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، ودعا له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((زادك الله حرصاً ولا تعد)) ولم يأمره بقضاء تلك الركعة، وعلى هذا يعول الجمهور في أن المسبوق لا تلزمه قراءة الفاتحة، أخرجنا المسبوق بهذا النص، بقي عندنا الإمام والمأموم والمنفرد، الإمام والمأموم الإمام والمنفرد الجمهور على أنها ركن في حقهم، وتتعين الفاتحة في القراءة، خالف في هذا الحنفية فقالوا: عليه أن يقرأ بما تيسر، وتعيين الفاتحة بهذا الحديث قراءة ما تيسر ثبت بالقرآن، قراءة ما تيسر {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [(20) سورة المزمل] ثبتت بالقرآن، وتعيين الفاتحة ثبت بالسنة، وعندهم مثل هذا الزيادة من السنة على ما في القرآن عندهم نسخ، والظني لا ينسخ القطعي عندهم، فالمتعين قراءة القرآن، ولا تتعين الفاتحة، ومنهم من يقول بوجوبها، لكن لا تبطل الصلاة بتركها، ومنهم من يقول باستحبابها، هذا بالنسبة للإمام والمنفرد، ومن باب أولى المأموم.