يقول الفضيل بن عياض: {أَحْسَنُ عَمَلاً} [(7) سورة هود] أخلصه وأصوبه، الخالص هو الشرط الأول أخلصه، يكون العامل مخلصاً لله -جل وعلا- في عمله، صواباً على سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وإذا اختل شرط من هذين الشرطين لم يقبل العمل، منهم من يقول: يكتفى بالشرط الثاني، وهو أن يكون موافقاً لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يكفي أن تصلي كما رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام-، يكفي أن تأخذ عنه المناسك، يكفي أن تأخذ عنه الصيام، وغير ذلك لأنه هو الأسوة والقدوة يكفي هذا الشرط؛ لأنك إذا عملت مثل ما عمل غير مخلصاً لله -جل وعلا- ما تحقق الشرط الثاني، فلن يتحقق الشرط الثاني إلا بتحقق الشرط الأول، فعلى هذا يكتفى بالشرط الثاني، ويشترط لصحة العمل أن يكون صواباً على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن هديه الإخلاص، إذاً لا داعي لأن يشترط الشرط الأول، وأقول: أهل العلم يؤكدون على الشرط الأول، وهو وإن دخل من حيث العموم والجملة في الشرط الثاني إلا أنه لا بد من التنصيص عليه؛ لأن الغفلة عنه تجعل العمل على نقيض المقصود مقصود العامل، لا يكفي أن تكون مثلاً الصلاة باطلة إذا لم يكن الرجل مخلصاً فيها، ولا يكفي أن يكون حكمه حكم العوام إذا لم يكن مخلصاً في علمه، إنما يكون وبالاً على صاحبه -نسأل الله السلامة والعافية-، فالتنصيص على الإخلاص والتذكير به في كل مناسبة أمر لا بد منه، ولذا قال أهل العلم ما ذكرناه في أول الدرس: أن هذا الحديث حديث عمر ينبغي أن يجعل في صدر كل باب من أبواب الدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015