((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) يستدل به من يبطل جميع التصرفات الشرعية إذا وقع فيها ما ليس من أمره -عليه الصلاة والسلام-، أو ما ليس من فعله -صلى الله عليه وسلم-، فيستدل بهذا من يرى عدم وقوع الطلاق إذا لم يكن سنياً إذا كان بدعياً، فالثلاث المجموعة لا تقع كيف لا تقع؟ لأنها بدعة، لكن هل يقول قائل: إنها لا تقع بالكلية أو تقع واحدة؟ الطلاق في الحيض لا يقع لأنه بدعي، وليس عليه أمرنا فهو مردود على صاحبه، الطلاق في طهر جامعها فيه لا يقع لأنه بدعي وليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، طلاق الثلاث مقتضى هذا أن لا يقع به شيء صح وإلا لا؟ مثل الطلاق في الحيض، لكن هل يقول قائل: إن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثاً لم يتخللها رجعه أنه لا يقع شيء لأنه بدعي أو يقع واحدة؟ يقع واحدة، لكن لو قلنا بالتطبيق الحرفي لهذا الحديث على هذه المسألة فالمقتضى أن لا يقع شيء لأنه بدعي مردود نرده بالجملة، بالكلية، كيف نرد طلقتين ونقبل واحدة؟ جاء الخبر الصحيح أن الطلاق الثلاث على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وعهد أبي بكر وصدراً من خلافة عمر واحدة، وعلى هذا يعول من يقول: إن الطلاق الثلاث إنما يقع واحدة، وهو القول المرجح عند شيخ الإسلام وجمع من أهل العلم، وإن كان الجمهور على خلافه؛ لأن عمر أوقعه لما رأى الناس يتتابعون عليه، ويتلاعبون بحدود الله أوقعه عليهم، وعمل به جماهير أهل العلم تبعاً لعمر، والمفتى به والمرجح عند أهل التحقيق أن الثلاث تكون واحدة، والعمدة في هذا حديث الباب مع ما يفسره من كونهم يجعلون الثلاث في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر الثلاث واحدة، وإذا كان هذا هو الموجود في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو الحجة وهو المعتبر، وكون عمر يمضيه على الناس من باب التعزير ليس معنى هذا أنه يستقر حكماً شرعياً، يعني: مثل ما جاء في الأمر بقتل المدمن ((إذا شرب الرابعة فاقتلوه)) قالوا: إن حده الأربعون جلدة، أو الثمانون على خلاف بين أهل العلم، وأما قتله فمن باب التعزير، إذا لم يرتدع الشُرّاب بالحد يقتل من يرتدع بهم الباقي.