((من أحدث)) مهما كان المحدث ومهما كان الحدث ((في أمرنا)) في ديننا هذا ((ما ليس منه فهو رد)) يعني: مردود عليه، رد مصدر يراد به اسم المفعول كالحمل يطلق ويراد به المحمول، فكل من أحدث في الدين فهو في ضلالة؛ لأن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، هل المراد أن هذا الضلالة نفسها البدعة نفسها في النار مع سلامة صاحبها، أو المراد أن صاحبها في النار؟ نعم المراد صاحبها ((ما أسفل من الكعبين ففي النار)) يعني: الثوب في النار وإلا صاحب الثوب؟ صاحب الثوب بلا شك.

والحدث والإحداث في الدين شأنه خطير لأنه تشريع، ومشاركة لله -جل وعلا- في شرعه، وصد عن دينه؛ لأن كل بدعة توجد تكون في مقابل سنة، كل من ابتدع أو عمل ببدعة حرم من العمل بالسنة بقدرها، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يُحدث، ما لم يؤذِ)) الحدث هذا يحتمل أن يكون إبطال الطهارة، ويحتمل أيضاً أن يكون إحداثه في الدين، فيحرم من هذا الدعاء، المقصود أن الحوادث والبدع شأنها عظيم، وأمرها خطير، وله قواعد، ولها ضوابط، ولها أمثلة كثيرة في كلام أهل العلم، وألفت فيها الكتب، ولا داعي للإطالة بتفصيلها.

هذا الحديث مع الرواية الأخرى: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) عليه الشرط أو منه يؤخذ الشرط الثاني لقبول الأعمال وهو المتابعة، فكل عبادة يشترط لها شرطان: الإخلاص كما دل عليه الحديث الأول، والمتابعة وهو ما دل عليه الحديث الثاني {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [(7) سورة هود] يعني ما قال: أكثر، أحسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015