ومما قالوه في الباب، وهو من كلام ابن عباس أن الفطر مما دخل لا مما خرج، والوضوء مما خرج لا مما دخل، الفطر مما دخل لا مما خرج، فعلى هذا الحجامة والقيء لا تفطران الصائم، والوضوء مما خرج لا مما دخل، طيب هذا لا يستقيم طرداً ولا عكساً، الوضوء من لحم الإبل مما دخل وإلا مما خرج؟ مما خرج، لكن قد يقول قائل: إن القائل لا يقول بنقض الوضوء من لحم الإبل، ولا يقول بالفطر بسبب الحجامة ولا القيء، فيكون مستقيم على رأيه، كلامه مستقيم على رأيه.

"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى على رجل في البقيع وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان، فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) رواه الإمام أحمد وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي وابن حبان والحاكم، وهو حديث ظاهرة صحته" نعم ((أفطر الحاجم)) لماذا؟ أفطر الحاجم لأنه قد يتسرب إلى جوفه شيء مما يخرج من الدم فيفطر به، والمحجوم أن الحجامة تضعفه، وإذا قلنا بمثل هذا التعليل قلنا: إن الحجامة مظنة للفطر، لكنها ليست مفطرة لذاتها، مظنة للفطر؛ لأن من فعل ذلك يؤول أمره إلى الفطر إذا لم يحتط لنفسه، لا سيما الحاجم فإنه سوف يفطر بما يتسرب إلى جوفه من الدم، والمحجوم يؤول أمره إلى الفطر؛ لأن إخراج الدم سوف يضعفه ثم يحمله ذلك إلى الفطر، فيكون مظنة، والمظنة إذا كانت غالبة تنزل منزلة المئنة، كما يقول أهل العلم، يعني مثل النوم، النوم مظنة للحدث وليس بحدث، ومع ذلك يقرر أهل العلم أنه ناقض للوضوء بالشروط التي ذكروها، والقيود التي اعتبروها، وهذا مثله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015