منهم من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأنه مر على رجلين أحدهما يحجم الآخر، وهما يغتابان الناس، فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) ابن خزيمة في صحيحه انتقد هذا الكلام، يقول: هذا القائل هل يقول بفطر المغتاب؟ هل يقول: إن الغيبة تفطر الصائم؟ ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأنهما يغتابان الناس، طيب هل يقول قائل هذا الكلام: بأن الغيبة تفطر؟ استدرك عليه ابن خزيمة، المغتاب آكل، شاء أم أبى، آكل لحم أخيه ميتاً، كما جاء النص على ذلك في القرآن، والآكل مفطر، وقد يكون الفطر حقيقي، وقد يكون معنوياً، فقوله: ((أفطر)) لأنه أكل لحم أخيه، ولا يلزم من الأكل إذا لم يكن حقيقياً الفطر الحقيقي الذي يبطل الصيام، فهو مفطر باعتباره آكل لحم، كما جاء ذلك في القرآن {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [(12) سورة الحجرات] فهو آكل لعرض أخيه، آكل للحم أخيه، فهو مفطر بهذا الاعتبار، فالأكل معنوي والفطر معنوي ليس بحقيقي.

وعلى كل حال عامة أهل العلم على أن الحجامة لا تفطر، طيب إذا احتاط الحاجم لنفسه، وحجم بآلات كهربائية ما يسمى حاجم؟ هل نستطيع نقول: أفطر؟ هل يمكن أن يقال: أفطر وهو احتجم بآلات كهربائية؟ ولو احتجم بآلات تقليدية، وجزم على بأنه لم يصل إلى جوفه شيء يكون أفطر وإلا ما أفطر؟ ما أفطر حقيقة، وإذا جرى هذا الاحتمال بالنسبة للحاجم فليجرِ الاحتمال بالنسبة للمحجوم، قد يكون الدم المأخوذ منه مما يزيده نشاطاً، إذا كان السبب في كون الحجامة تضعف، فقد تكون الحجامة مما تزيده نشاطاًَ، منهم من يفرق بين من تضعفه الحجامة وبين من لا تؤثر فيه الحجامة، فالذي تضعفه الحجامة يحكم بفطره؛ لئلا يستمر في صيامه فيحصل له نوع من الضرر، والذي لا تضعفه الحجامة يستمر في صيامه؛ لأنه لا يتضرر بذلك، وعلى كل حال مثلما ذكرنا، عامة أهل العلم أن الحجامة لا تفطر، والمذهب عند الحنابلة أنها تفطر، ويختاره شيخ الإسلام وابن القيم، ويفتي به كثير من أهل العلم، ولا شك في ظهور مذهب الجمهور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015