"احتجم -عليه الصلاة والسلام- وهو محرم" نعم هذا في الصحيح، رواه البخاري ولا كلام "واحتجم -عليه الصلاة والسلام- وهو صائم" وهو كذلك في البخاري، وإن قال بعضهم: إن هذه الرواية شاذة؛ لما يعارضها من الأحاديث التالية، نعم فيه تعارض بين احتجامه -عليه الصلاة والسلام- وهو صائم، في الحج سيأتي حكم الحجامة للمحرم، وما يترتب عليها من قطع لشعر، وما أشبه ذلك، هذا سيأتي، لكن الذي عندنا "واحتجم وهو صائم" وهذا في البخاري، وهو من حديث ابن عباس.

والذي يليه من حديث "شداد بن أوس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى على رجل في البقيع وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي" يقول شداد بن أوس: "وهو آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) " هناك تعارض بين حديث ابن عباس وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو صائم، حتى قال بعضهم: إن هذه الرواية غير محفوظة، هي مخرجة في الصحيح، نعم احتجم وهو صائم محرم حكم عليها جمع من الحفاظ بأنها شاذة، أما رواية احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم، يعني الإحرام على حدة، والصيام على حدة هذه مسألة أخرى، وبعضهم قال: هي كسابقتها غير محفوظة، وقال بأن الحجامة تفطر الصائم، على ما جاء في حديث شداد بن أوس.

حديث شداد بن أوس متقدم على حديث ابن عباس كما قال الإمام الشافعي، وقرره الإمام الشافعي بأن حديث ابن عباس ناسخ لحديث شداد بن أوس، إذاً على هذا الحجامة لا تفطر الصائم؛ لأن حديث ابن عباس متأخر عن حديث شداد، وهذا ما قرره الشافعي، وهو قول جمهور العلماء، أن الحجامة لا تفطر الصائم، وحديث شداد بن أوس لا سيما إذا حكمنا على حديث ابن عباس بأنه غير محفوظ، وحديث شداد محفوظ، ((أفطر الحاجم والمحجوم)) قال به الإمام أحمد، وقال: إن الحجامة تفطر الصائم.

وهذا ما يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، ويفتي به كثير من أهل العلم الآن، والجمهور على أن الحجامة لا تفطر الصائم، وأن حديث شداد بن أوس منسوخ بحديث ابن عباس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015