إذًا (لِلْجَنَانِ ** نِسْبَتُهُ)، يعني: إضافته للمنطق. [(كَـ) نسبة (النَّحْوِ لِلِّسَانِ)]، يعني: النحو يعصم اللسان من الخطأ، فالمنطق يعصم العقل من الوقوع في الخطأ، هذا مراده، يعني: كما أن النحو يصحح به الكلام ويعرف به فاسد الكلام من صحيحه كذلك المنطق للعقل يعرف به فاسد التفكير من غيره، ولذلك عرفه العطار بأنه: علم يعرف به الفاسد من الفكر من صحيحه. أو صحيح الفكر من فاسده. لأن فكر قد يكون صحيحًا وقد يكون فاسدًا [(كَـ) نسبة (النَّحْوِ لِلِّسَانِ)] قدر نسبة ليتناسب المشبه والمشبه به، [فالمنطق نسبته للعقل كنسبة النحو للسان] في ماذا؟ يعني: ما الجامع بينهما؟ (في أن كلاً منهما) من المنطق والنحو [يعصم]، يعني: يحفظ. [ما يتعلق به، فالمنطق يعصم العقل]، المنطق يتعلق بالعقل، إذًا يعصمه ويحفظه من الوقوع في الزلل والخطأ، [فالمنطق يعصم العقل عن الخطأ في فكره]، لأن الفكر الذي هو النظر والتأمل قد يكون صوابًا وقد يكون خطأً، [كما أشار إلى ذلك الناظم بقوله: (فَيَعْصِمُ الأَفْكَارَ)] جمع فكر كما مر معنا، [أي يحفظها]، فالعصمة هنا بمعناها اللغوي، وليس المراد بها المعنى الشرعي، وإنما المعنى الشرعي يكون للأنبياء والملائكة ومن عداهم فلا، [وتقدم أن الفكر هو: النظر. وهذا إشارة إلى تعريف المنطق بأنه علم يعصم، أي يحفظ الأنظار] جمع نظر، عن ماذا؟ (عَنْ غَيِّ الخَطَا) ليس عن الغي، الغَي هو واقع، وإنما المراد عن وقوعه، الغي واقع بالنسبة للإنسان لأنه ليس معصومًا، فإذا كان كذلك لا بد من تقدير [(عَنْ) وقوع (غَيِّ الخَطَا) أي ضلاله، والخطأ ضد الصواب، وإضافة الغي إلى الخطأ من إضافة العام للخاص]، (غَيِّ الخَطَا) أيهما أعم وأيهما أخص؟ الغي أعم، لأنه يكون عن عمد وبلا عمد، والخطأ يكون بلا عمد، [فإن الضلال قد يكون عن عمد، وقد يكون عن خطأ]، والخطأ خاص بالثاني، [وهذا العلم] الذي هو فن المنطق، [تعصم مراعاته الذهن عن الخطأ في الفكر]، إذًا ليست العصمة، يعني: الحفظ عن الوقوع في الخطأ بذات قواعد، وإنما بمراعاتها، يعني: بملاحظتها وتطبيقها. هذا الذي يكون ثَمَّ عصمة، وأما مجرد دراسته، فحينئذٍ نقول: هذا لا يعصم. كمن يدرس النحو ولا يطبق ولا يعرب، حينئذٍ نقول: كونه عالمًا بالألفية مثلاً، أو حافظًا لها، أو دارسًا لها نقول: هذا لا يعصمه عن وقوع الخطأ في الكلام، لماذا؟ لأن العلم بالقواعد لا يعصم إلا بشرط المراعاة، يعني: الملاحظة بأن يطبق ويمارس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015