وأما فضله قالوا: [فهو علم يفوق ويزيد على غيره من العلوم بكونه عام النفع فيها إذ كل علم تصورًا أو تصديق، وهو يبحث فيهما، لكن بعض العلوم يفوق من جهة أخرى]، يعني: التفسير مبناه على العلم، ثم إما علم التصور أو تصديق، بحثك أحيانًا يكون في التفسير من أجل فهم كلمة واحدة مفردة، هذا من أجل ماذا؟ من أجل إدراك مفرد، إذًا يسمى ماذا؟ تصورًا، قد تبحث من أجل أن تصل إلى مدلول التركيب آية جملة الاسمية أو الجملة الفعلية حينئذٍ نقول: هذا بحث في الوصول إلى تصديق، وكذلك الكلام في الحديث، وفي العقيدة، وفي الفقه، إلى آخره، إذًا التصور والتصديق من حيث الإطلاق، يعني: مطلق التصور لا شخصه، ومطلق التصديق لا شخصه، هذا مشترك بين العلوم كلها، بل بين العلوم وغيرها، بل بين كل ما يتلفظ به الإنسان، لأن البحث إما أن يكون في مفردات، أو في مركبات، حينئذٍ هذا أو ذاك نقول: مطلق التصور ومطلق التصديق هذا بحث يشترك فيه كل العلوم بلا استثناء، فإذا كان كذلك حينئذٍ لا بد من معرفة الطرق الموصولة إلى المجهول التصوري، والمجهول التصديقي، وأما نسبته إلى العلوم فهي التباين.
واضعه: قيل: إِرَسَطُو بكسرة الهمزة وفتحتين بعدها وضم الطاء، والاسم المنطق على المشهور، ويُسمى أيضًا بالميزان، وبمعيار العلوم، هكذا سماه الغزالي في كتابه ((معيار العلم)).
استمداده: من العقل. وأحيانًا تكون بعض المسائل التي يتطرق إليها المناطقة مركوزة في النفس، لأن منها ما هو يكون من قبيل الطبائع، وإذا كان كذلك فحينئذٍ لا يقال بأن الصحابة لم يتعلموا المنطق ولم يحتاجوا إليه، نقول: لا بعضه موجود في فطرهم، حينئذٍ نقول: لا يحتاج إلى تنصيص، إلى المصطلحات الذي ذكرها المناطقة، وكذلك شأن التابعين ومن بعدهم من الأئمة الذين لم يعرفوا علم المنطق، قالوا: هذا موجود بعض المسائل المتعلقة بالمنطق هذه يضيفها العقلاء من حيث هم، كما هو الشأن في النحو وفي أصول الفقه هذا مدرك بالطبائع، حينئذٍ نقول: لا يقال بأن علم المنطق ما دام أن مداره العقل لم يتعلمه الصحابة أو من بعد الصحابة، لأننا نقول: العقل. هذا موجود عندهم، وبعض دلالة العقل ضرورية، يعني: يشترك فيها كل الناس، وحينئذٍ نقول: هذا الفن قد يكون موجودًا فلا يحتاج إلى أن يدرسه الطالب، ولكن هذا فيمن سلمت فطرته، وأما حكمه سيأتي عند قول المصنف (وَالخُلْفُ).
إذًا (وَبَعْدُ فَالمَنْطِقُ) عرفنا حد المنطق، وهو ما يتعلق بمبادئ العشرة ... (لِلْجَنَانِ) يعني القلب. جَنان بفتح الجيم [بمعنى اللطيفة الربانية المتعلقة بالقلب اللحماني تعلق العرض بالجوهر] الجوهر هو: اللحم، نفسه والعرض هو: الصوف، النور نقول: هو العرض، والجوهر هو نفسه اللطيفة، أو المتعلق بالقلب اللحماني، العرض هو اللطيفة الربانية المتعلقة بالقلب اللحماني بضم اللام.
الأول: هو العرض.
والثاني: هو الجوهر.