حينئذٍ العلم نوعان: علم هو تصور. وعلم هو تصديق، إدراك المفرد على جهة الإجمال من باب التقريب، الكلام في لسان العرب إما أن يكون مفردات، وإما أن يكون جمل جملاً اسمية، أو فعلية، ما كان من قبيل الجمل الاسمية والفعلية إدراكه وفهمه وعقل معناه يسمى تصديقًا، وما عدا ذلك يسمى تصورًا، إذًا العلم الذي هو الإدراك قد يتعلق بمفرد، وقد يتعلق بجملة اسمية، أو جملة فعلية، فالأول يسمى تصورًا، والثاني يسمى تصديقًا، البحث في المعلومات التصورية والتصديقية، من أي جهة؟ قال: [من حيث إنها توصل إلى مجهول تصوري أو تصديقي]. إذًا عندنا مفرد معلوم، وعندنا مفرد مجهول، عندنا مركب معلوم، وعندنا مركب مجهول، البحث في المعلومات سواء كانت تصورية، أو تصديقية لتوصِلَنَا إلى المجهولات التصورية، أو التصديقية يسمى منطقًا، إذًا هو بحث في طرق ووسائل، هذه الوسائل تؤدي إلى ماذا؟ إما إدراك مفرد، حقيقة المفرد، وإما إلى إدراك حقيقة المركب حينئذٍ نقول: البحث هذا هو متعلق بفن المناطقة. [إلى مجهول تصوري أو تصديقي]، أو من حيث ما يتوقف عليه ذلك، يعني: ثَمَّ المعلومات التصورية والمعلومات التصديقية والطرق الموصلة إلى كل واحد منهما قد تتوقف على بعض المعلومات، وهي الأبواب التي يذكرها المناطقة قبل باب المعرفات والقياس، ما يتعلق بتقسيم اللفظ إلى مفرد، وإلى مركب، والمفرد إلى جزئي وإلى كلي، ثم القضايا شرطية، حملية شرطية، متصلة منفصلة هذا بحث كله في ماذا؟ يتوقف العلم بما يوصل إلى المجهول التصوري أو التصديقي إلى معرفة هذه الألفاظ، حينئذٍ ما توقف عليه الفن يكون داخلاً فيه متممًا له، كمعرفة الأحكام الشرعية عند الأصوليين في توقف العلم علم أصول الفقه عليه، وبالمثال إن شاء الله يأتي معنا فيما يأتي، هذا حد علم المنطق.
إذًا موضوعه إذا عرفنا أنه يبحث فيه عن المعلومات، إذًا موضوعه المعلومات التصورية والتصديقية من حيث صحة إيصالها إلى المجهولات التصورية والتصديقية، إذًا ليس كل طريق يوصل إلى مجهول تصوري صحيح أو صحيحة، وليس كل طريق يوصل إلى مجهول تصديقي يكون صحيحًا، إذًا الذي يميز الطرق الموصلة إلى المجهول التصوري الصحيح من الفاسد هو: فن المنطق. والطريق الذي يميز الصحيح من الفاسد في الطريقة الموصولة إلى المجهول التصديقي هو: فن المنطق.
غايته كما ذكره الناظم هنا (فَيَعْصِمُ الأَفْكَارَ عَنْ غَيِّ الخَطَا) وسيأتي.