فالمنطق المراد به العلم المخصوص، ولذلك جاء بأي التفسيرية، لأنه يحتمل أن يكون المراد به المعنى اللغوي، ويحتمل أن يكون المراد به المعنى الاصطلاحي، وأراد به المصنف هنا الناظم المعنى الاصطلاحي، ولذلك قال: [أي العلم المخصوص، وإن كان في الأصل اسمًا للإدراك الكلي والقوة التي هي محل صدور الإدراك، وللتلفظ الذي يبرز ذلك]. يعني أن المنطق قبل نقله وجعله علمًا للعلم المخصوص يطلق في لسان العرب ويراد به واحد من ثلاثة أمور يطلق ويراد به الإدراك الكلي، والإدراك مصدر أَدْرَكَ يُدْرِكُ إِدْرَاكًا، والمراد به وصول النفس إلى المعنى بتمامه هذا تعريف الإدراك عند المناطقة وصول النفس، والمراد بالنفس هنا القوة العاقلة التي تدرك المعاني، وهي محلها القلب ولها علاقة بالدماغ، وصول النفس إلى المعنى، يعني: معنى اللفظ. سواء كان اللفظ مفردًا أو كان مركبًا فمعنى زيد ذاته، ومعنى قائم معناه ثابت له وهو القيام، ومعنى زَيْدٌ قَائِمٌ إدراكه في الخارج بأنه واقع أو ليس بواقع، حينئذٍ شمل الإدراك هنا نوعي العلم: التصور، والتصديق، إذًا وصول النفس إلى المعنى، سواء كان المعنى مفردًا أو كان مركبًا، ليشمل نوعي العلم: التصور، والتصديق. بتمامه، يعني: على وجه التمام بمعنى أن لا يبقى شيء في النفس هل هذا صادق على هذا المدلول أو لا؟ فإن كان ثَمَّ تردد في النفس ولم يحمل اللفظ سواء كان مفردًا أو مركبًا على المعنى الذي أطلق عليه في لسان العرب هذا يسمى شعورًا ولا يسمى إدراكًا، ففرق بين الإدراك وبين الشعور، الشُّعور هو وصول النفس إلى المعنى لا بتمامه، يعني يكون ثَمَّ تردد في النفس، فإن كان على وجه التمام بمعنى أنه أدرك أن زيد مدلوله ذاته المشخصة المشاهدة في الخارج، والقيام المدرك الذي هو مشاهد في الخارج حينئذٍ نقول: هذا يسمى إدراكًا، لأنه وصلت النفس فيه إلى المعنى بتمامه، لم يكن ثَمَّ تردد في إطلاق هذا اللفظ على المعنى المراد، وإن كان ثَمَّ تردد هل زَيْدٌ المراد به ذاته المراد به شيء آخر، اسم لبيت، اسم لأرض، اسم ... ، لم يكن عنده تصور لمعنى زيد حينئذٍ يسمى شعورًا، إذًا يطلق المنطق في الأصل قبل جعله علمًا لهذا الفن على الإدراك، [الكلي] الإدراك الكلي أراد به احترازًا عن الإدراك غير الكلي، يعني: المراد به الإدراك الكثير.