إنما عليك البلاغ فقط، وإنما عليك البلاغ، وأما قبول ذلك هذا هداية توفيق وهي خاصة بالله عز وجل، انشراح الصدر والقبول من القلب نقول: هذا من هداية التوفيق، وهي خاصة بالله عز وجل، وإنما أنت تبين وتعظ وتعلم وتنكر إلى آخره يقبل أو لا يقبل؟ ليس إليك إذا دخلت في مسألة القبول فقد ادعيت شيئًا ليس لك، لماذا؟ لأن القبول من جهة القلب هذا ليس من شأن البشر لا الأنبياء ولا الرسل ولا غيرهم، ولذلك نقول: الهداية هدايتان: هداية إرشاد ودلالة هذه عامة تكون في حق الله عز وجل وحق الرسل والأنبياء والعلماء وطلاب العلم وكل منكر وداعي، وأما هداية التوفيق فهي خاصة بالله عز وجل من خصائصه لا يشترك فيها لا نبي ولا رسول ولا عالم إلى آخره فإذا أردنا أن قلوب الناس تنشرح، إن أردنا اتخاذ الوسائل فلا بأس، يعني: الوسائل التي تجعل القلب ينشرح لا بأس، وأما أن ندخل في قلوب الناس ونريد أن نفتح قلوب الناس ليقبلوا ما عندنا نقول: هذا مخالف للسنن الذي عليه أهل العلم، [(في الِاهْتِدَا) بهم والْمُشَبِّهُ لهم هو الله أولاً والنبي - صلى الله عليه وسلم - ثانيًا] أين نحن؟ (ذَوِي الهُدَى) أي: الهداية، (مَنْ شُبِّهُوا بِأَنْجُمٍ في الاهْتِدَا) (مَنْ) أي: الذين، (شُبِّهُوا) هنا حذف الفاعل، والْمُشَبِّهُ هو الله أولاً ثم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، (بِأَنْجُمٍ) جمع نجمٍ وهو الكوكب غير الشمس والقمر، (في الاهْتِدَا) أو غير الشمس والقمر [في الاهتداءِ حذف الهمزة، بهم والْمُشَبِّهُ لهم هو الله أولاً والنبي - صلى الله عليه وسلم - ثانيًا، وقد جاء في بعض الأخبار القدسية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل الرب عما يختلف فيه أصحابه فقال: «يا محمد أصحابك عندي كالنجوم في السماء بعضها أضوء من بعضٍ فمن أخذ بشيءٍ مما اختلفوا فيه فهو على هُدًى مني»]. وهذا كما ذكرنا حديث ضعيف، بل عده بعضهم من الموضوعات، [بفتح الهاء وسكون الدال] أين هذا فتح الهاء وسكون الدال؟ فهو على هَدْيٍ مني [بفتح الهاء وسكون الدال، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أصحابي كالنجوم»]. أيضًا هذا ضعيف، وبعضهم عده في الموضوعات [«بأيهم اقتديتم اهتديتم»، وهذا التشبيه للتقريب]، من شبه بأنجمٍ [على المعقول]، [للتقريب على المعقول بما ألفوه وإلا فالاهتداء بالصحب أشرف من الاهتداء بالنجوم] نعم الاهتداء بالصحابة أشرف من الاهتداء بالنجوم، لأن الاهتداء بالنجوم أمور حسية دنيوية، والاهتداء بالصحابة إنما يوصل إلى رضا الله عز وجل والجنة، ولا شك أنه أشرف [أشرف من الاهتداء بالنجوم، لأن الاهتداء بهم ينجي من الهلاك الأخروي والخلود في النار، بل ومن الدنيوي بخلاف النجوم]، وهذا واضح.
- - -
وَبَعْدُ فَالمَنْطِقُ لِلْجَنَانِ ... نِسْبَتُهُ كَالنَّحْوِ لِلِّسَانِ
(وَبَعْدُ) يؤتي بها للانتقال من أسلوب إلى آخر، والتقدير مهما يكن من شيءٍ فأقول بعد البسملة وما بعدها فالمنطق إلى آخره، وإنما قدرنا ذلك لأن الظرف من متعلقات الجزاء على الصحيح.
ــــــــــــــــــ - الشرح - ــــــــــــــــــ