والرسم التام (وَالرَّسْمُ بِالْجِِنْسِ وَخَاصَةٍ مَعَا)، المراد بالرسم هنا الرسم التام، لأنه قال في البيت الثالث: (وَنَاقِصُ الرَّسْمِ). إذًا عندنا رسم تام، فإذا أطلقه انصرف إليه، وإذا أراد الرسم الناقص قيده، [(وَالرَّسْمُ) أي التام. (بِالْجِِنْسِ) القريب (وَخَاصَةٍ)]، أصلها خاصَّة بالتشديد لكنها خففها، (بتخفيف الصاد للوزن)، ويشترط في هذه الخاصة وعرفنا أن المراد بالخاصة هي العرض الخاص، هو كليٌّ عرضي لكنه خاص لا عام، لأن العام ليس بداخل هنا، إذًا (وَخَاصَةٍ)، قال: (شاملة لازمة). يعني: يشترط فيها أمران: أن تكون شاملة، وأن تكون لازمة. بخلاف غير الشاملة، الشَّاملة يعني: التي فيها إحاطة كالعلم بالنسبة للإنسان فلا يعرف بها لخروج كثير من الأفراد عنها، لو قال: الإنسان حيوان عالم. ما صح، لماذا؟ لأن العلم وصف للأفراد لكن ليس لكل الأفراد ليست صفة عامة في كل إنسان، وإنما الذي يحصل به التعريف والتميز ما كان وصفًا عامًا لا ينفك عنه فرد من أفراد الإنسان، وأما كونه عالمًا هذا يوجد في بعض الأفراد ولا يوجد في بعض الأفراد، إذًا الوصف بالعلم بالنسبة للإنسان هذا وصف غير شامل، وإذا كان كذلك فلا يصلح أن يُعَرَّف به، وبخلاف غير اللازمة، يعني: التي تنفك كالمتنفس بالفعل بالنسبة للحيوان، فلا يُعَرَّف بها لخروج أفراد المحدود عنها حال المفارق، هذا ما ذكرناه بالأمس أن الضاحك نوعان: ضاحك بالفعل، وضاحك بالقوة. أيُّ الوصفين لازم للإنسان لا ينفك عنه البتة؟ الضاحك بالقوة، إذًا الذي يصح التعريف به في الخاصة هو: الضاحك بالقوة، فلو عرف الإنسان بأنه حيوان ناطق بالفعل ما صح، لماذا؟ لكون قوله: ضاحكًا بالفعل. هذا وصف ليس بلازم لأنه ينفك عنه، يضحك في وقت ويترك في أوقات، حينئذٍ نقول: هذا الوصف الذي هو الخاصة الضاحك ليس باللازم، والأول العالم ليس بشامل، إذًا يشترط في الخاصة التي يصح التعريف بها في الرسم أن تكون شاملة، يعني: تعم كل الأفراد لا يختص بها بعض الأفراد دون بعض، فإن اختص لم يصح.