ثانيًا: أن تكون لازمة لا تنفك في وقت من الأوقات بل هي في كل وقت، وهذا إنما يكون في كل الصفات التي تكون بالقوة، وأما الصفات التي تكون بالفعل هذه ليست بلازمة لأنها تنفك في وقت دون وقت، [(وَخَاصَةٍ) بتخفيف الصاد للوزن، شاملة لازمة (مَعًا) أي حالة كونهما مجتمعين]، مثال الرسم التام (كالحيوان الضاحك بالقوة في تعريف الإنسان)، ما الإنسان؟ الحيوان الضاحك بالقوة، الحيوان هذا جنس قريب، والضاحك بالقوة هذا خاصة، إذًا اشترك الحد التام مع الرسم التام في أن كلاً منهما يعرف بالجنس القريب، واضح؟ اشتركا في ماذا؟ بالجنس القريب، لو قال: (فَالحَدُّ بِالْجِنْسِ). أي: القريب. (وَالرَّسْمُ بِالْجِِنْسِ) أي القريب. إذًا اشتركا، وافترقا في ماذا؟ أن الحد التام يكون مع الجنس الفصل القريب، والرسم التام يكون مع الجنس القريب الخاصة اللازمة الشاملة، ويشترط فيه كذلك الترتيب أن يتقدم الجنس القريب على الخاصة، فإن عكس حينئذٍ نقول: هذا ناقص رسمي. يعني: لو قال: الإنسان الضاحك بالقوة الحيوان. نقول: هذا ناقص رسمي ليس برسم تام. [(مَعًا) أي حالة كونهما مجتمعين كالحيوان الضاحك بالقوة]، يعني: لا بالفعل. [في تعريف الإنسان، وسمي التعريف الأول حدًا لأن الحد هو المنع، وهو مانع من دخول أفراد غير المعرَّف فيه]، وجامع لأفراده كذلك يجمع، فحينئذٍ الإنسان حيوان ناطق كل فرد من أفراد لفظ الإنسان دخل في الحد، وكل لفظ لا يصدق عليه أنه إنسان خرج، ولذلك يقال من شرط الحد التام أو الحد: أن يكون جامعًا مانعًا. بل عرف بعضهم الحد الجامع المانع.
الجامع المانع حدُّ الحدِّ
كما عرفه السيوطي في الكوكب، الجامع المانع، جامع لكل الأفراد، المانع من دخول فرد من غير الأفراد في الحد، إذًا [الحد هو: المنع. وهو مانع من دخول أفراد غير المعرَّف فيه، ويسمى التعريف الثاني رسمًا، لأن الرسم هو الأثر، والخاصة أثر من آثار المعرف]، أو إن شئت قل: أثر أو الصفة، ومنه الحكم، إذًا عندنا حد تام ورسم تام، وقدم تعريف الحد التام والرسم التام لأنهما أعلى ما يعرف به المعرف.
ثم شرع في بيان ناقص كل منهما.
(وَنَاقِصُ الحَدِّ)، يعني: الحد الناقص، من إضافة الصفة للموصوف، الحد الناقص [(بِفَصْلٍ) وحده]، يعني: ما كان فيه التعريف بالفصل، ما الإنسان؟ الناطق بالقوة، ما ذكر الجنس، وإنما ذكر الفصل فقط، هذا يسمى ماذا؟ حدًا ناقصًا، لماذا؟ لأنه لم يذكر الجنس القرين وإنما ذكر الفصل وحده فقط، إذًا (بِفَصْلٍ)، يعني: حاصل أو كائن أو ثابت ... [(بِفَصْلٍ) وحده كالناطق في تعريف الإنسان]، ما الإنسان؟ قال: ناطق بالقوة. (أَوْ) له صورة أخرى، (بِفَصْلٍ) مع جنس بعيد، يعني: يؤتى بالفصل كما هو لكنه مع جنس البعيد لا القريب، يعني: ليس كالحد التام، الحد التام يكون بالجنس القريب، وأما إذا وجد الجنس البعيد مع الفصل حينئذٍ نقول: هذا ناقص [الرسم] (?) (أَوْ مَعًا).