(فَالحَدُّ) الفاء هذه فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، (فَالحَدُّ) نقيده بالتاء لأنه قال في البيت الذي يليه: (وَنَاقِصُ الحَدِّ). دل على أن الحد في البيت السابق المراد به التام، ولذلك قيده الشارح، ... [(فَالحَدُّ) التام] بماذا يكون؟ يكون بلفظين، تجمع بين الجنس والفصل، (فَالحَدُّ بِالْجِنْسِ وَفَصْلٍ وَقَعَا) الألف هذه للإطلاق، والحد مبتدأ، وقوله: (وَقَعَا). جملة خبر، والضمير يعود إلى الحد، (بِالْجِنْسِ) أي القريب. وإذا أُطلق الجنس فالأصل أنه ينصرف إلى القريب، ومر معنا بالأمس أن الجنس ثلاثة أنواع: جنس قريب، بعيد، وسط. حينئذٍ إذا أُطلق الجنس انصرف إلى القريب، وإذا احتجنا إلى التقيد إنما نقيد المتوسط والبعيد أو الأبعد، [(بِالْجِنْسِ) القريب] من باب التأكيد، (وَفَصْلٍ) كذلك قريب، يعني: الفصل كالجنس، وإن لم يذكره الناظم، فالفصل قد يكون بعيدًا وقد يكون قريبًا، فهو نوعان، فالقريب ما يميز الشيء عن ما يشاركه في جنسه القريب، الفصل القريب إذا كان يميز الشيء عما يشاركه في الجنس القريب، يعني: ما يكون تاليًا للجنس القريب، كالناطق فإنه يميز الإنسان عما يشاركه في جنسه القريب، وهو الحيوان من الفرس والحمار ونحو ذلك، البعيد ما يميز الشيء عما يشاركه في الجنس البعيد، يعني: في جنسه البعيد، فإن كان الفصل تاليًا لجنسٍ قريب، فهو فصل قريب، وإن كان الفصل تاليًا ليميز عما شاركه في جنسه البعيد حينئذٍ يكون فصلاً بعيدًا، كالحساس بالنسبة للإنسان فإنه يميزه عما يشاركه في جنسه البعيد، كالجسم من الحجر والشجر ونحو ذلك، إذًا الفصل يكون قريبًا وبعيدًا، والجنس يكون قريبًا وبعيدًا، (وَفَصْلٍ) أي: قريب. (وَقَعَا) الألف للإطلاق، نحو ماذا؟ الإنسان حيوان ناطق، إذًا الحد عند المناطقة المراد به الحد التام ما كان بالجنس القريب والفصل القريب بشرط أن يتقدم الجنس على الفصل، يعني: لا يتأخر الجنس القريب عن الفصل القريب فلو قال: الإنسان ناطق حيوان. هذا ليس بحد تام، وإنما هو حد ناقص، إذًا الحد في اللغة: المنع، لأنه يمنع من دخول أفراد غير المعرَّف ومن خروج أفراد منه.
وفي الاصطلاح هو: تعريف الماهية بالجنس القريب والفصل القريب مع تقديم الجنس على الفصل وإلا كان حدًا ناقصًا.