قال المصنف رحمه الله: [وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها، مع أن هذا الباب يوجد عامته منصوصاً في الكتاب والسنة متفقاً عليه بين سلف الأمة].
قوله: (وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها): أي: أن ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها فإنه يجب الإيمان به، والاتفاق -الذي هو الإجماع- لابد أن يكون مبنياً على نص، والمقصود بالنص: الدليل الشرعي، سواء كان هذا من باب النص المعروف في مصطلح الأصوليين، وهو الجملة الصريحة في الدلالة، أو كان من باب الحكم على خبر معين، فربما كان الإجماع مبنياً على مثل هذا, وربما كان الإجماع مبنياً على جملة من الدلائل، بمعنى: أن العلماء أجمعوا في مسألة من المسائل، وتجد أن دليل الإجماع هو جملة من الأدلة، وقد يكون بعض هذه الأدلة نصياً، وبعضها من باب الظاهر.
وقوله: (مع أن هذا الباب يوجد عامته منصوصاً في الكتاب والسنة، متفقاً عليه بين سلف الأمة):
أي: باب أصول الديانة، وباب صفات الله سبحانه وتعالى الذي ذكر المصنف تقريره، فباب الصفات ليس مما يثبت بالكتاب وحده، أو بالسنة وحدها، أو بالإجماع وحده؛ بل عامة هذا الباب نجد أن الأدلة متواترة في شأنه، وهكذا هو شأن قواعد هذا الباب، فإن قواعد باب الأسماء والصفات -أي: القواعد الكلية في هذا الباب- لا شك أنها ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.
وكذلك جمهور التفصيل في هذا الباب ثابت أيضاً بالكتاب والسنة والإجماع، وربما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه صفة لم يذكرها القرآن، لكن نجد أن نوعها مذكور في متواتر القرآن، كالنزول مثلاً، فإن الله سبحانه وتعالى لم يذكر في كتابه أنه ينزل إلى السماء الدنيا، لكن نجد أن نوع هذه الصفات قد جاء ذكره في القرآن في ذكر مجيء الله، وإتيانه، واستوائه على عرشه، ونحو ذلك.
إذاً: هذه هي الأصول الثلاثة في تقرير الاعتقاد، وهي: الكتاب، والسنة، وإجماع سلف الأمة.