فقوله: «زَوجُ البَتُولِ» هذا من فضائله رضي الله عنه أنه زوج البتول، والمراد بـ «البتول» هنا فاطمةُ رضي الله عنها، وإلا فوصف البتول يطلق أيضاً على مريمَ بنتِ عِمْرَان الصدِّيْقَة، وقيل في مريم: إنها بتول، يعني منقطعةٌ عن الرِّجال فلم يَمَسَّها بشرٌ ولم تَكُ بغِيَّاً، وقيل في معنى أنَّ فاطمةَ بتول: يعني منقطعةٌ عن نساءِ زمانها، فلا نظير لها في نساء الأُمَّة في الفضلِ والدِّينِ والشَّرفِ، وعلى كلِّ حالٍ فلفظُ «البَتُول» يدلُّ على العفافِ والطُّهْرِ والفضلِ.

وقوله: «وَخَيرُ مَنْ وَطِئَ الحصى -وفي نسخةٍ: «الثرى» - بعد الثلاثة»، في هذا تنصيصٌ على مرتبته رضي الله عنه في الفضل، وأنه أفضل الصحابة بعد الثلاثة: أبي بكر وعمر وعثمان، فهو إذن أفضلُ الأُمَّة وخيرُ مَن وَطِئَ الثَّرَى بعد هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم.

وقوله: «وَالكَرِيمُ المَحْتِدِ» أي: كريمُ الأَرُوْمَة والأَصْل، فهو رضي الله عنه كريمُ النَّسَب، كيف لا، وهو علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، فهو ابنُ عمِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصِهْرُهُ على ابنَتِهِ فاطمة رضي الله عنها، وهو أفضل بني هاشم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فهو داخل في الاصطفاء والاختيار في قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ من وَلَدِ إسماعيل، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا من كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى من قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي من بَنِي هَاشِمٍ» (?).

فهو كريمُ النَّسَب إذ جمعَ اللهُ له بين فضل الصحبة وفضل القرابة، فيجب أن يُعرَف لعليٍّ رضي الله عنه فضلَه، فيُحَبُّ لإيمانِه وفضلِه في الدِّين، ويُحب كذلك لقرابتِه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه عمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015