وقوله: «يَتَسَابَقُونَ إِلَى العُلاَ» أي: يتسابقون إلى الخيرات، ويتنافسون في تحصيلها، وهذا -ولا شك- مطلبٌ مهمٌ.
ومن ذلك: المنافسةُ في طلبِ العلم، وفي الأعمال الصالحة، وفي القيام بالمهام العظيمة، فنحن في هذه الدنيا في ميدان تنافس وسباق، فنسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.
وقد أمر الله عز وجل عباده بالمسابقة إلى الخيرات، فقال تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة رحمه الله 148، والمائدة رحمه الله 48] في موضعين من كتابه، وقال سبحانه: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} [الحديد: 21]، وأمرهم بالمسارعة، فقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)} [آل عمران:133]، وأمرهم بالمنافسة فقال: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)} [المطففين:26].
وقوله: «إِلَى العُلاَ» أي: إلى المنازل العالية والرتب الرفيعة، وذلك بالأعمال الصالحة النافعة، وبالجهود المخلصة الصادقة.
وقوله: «وَالسُّؤدَدِ» أي: السيادة، ولا ريب أن من آمن واتقى نال السعادة والسيادة، ولا ريب كذلك أن تحصيل العلم النافع من أعظم أسباب السيادة.
فهذه هي سيرة هذا الصِّنْفِ من أهل العلم وطُلاَّبِه.
فالناظمُ رحمه الله يستثير بهذه الأبيات همم طلاب العلم، ويستنهض همم المبتدئين منهم أو المتقاعسين لتحصيل ما سيذكره من مسائل، وما سيقرره من تأصيل.