و (المحل): حيث يحل القوم من الدار. و (المقام): حيث طال مكثهم فيه. و (منى): موضع قريب
من طخفة بالحمى في بلاد غنى وكلاب، وليس بمنى مكة. والغول والرجام بنفس الحمى، والحمى
جمى ضرية. قال أوس ابن حجر:
زعمتمُ أن غَولاً والرِّجامَ لكُمْ ... وَمنعِجاً فاقصِدوا فالأمر مشتَرَك
وقال بعض الرواة: الغول والرجام جبلان، ومنًى ومنَى مكة. ويروى عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال: إنما سمي منى منى لأن آدم عليه الصلاة والسلام لما انتهى إليه قيل له: تمنَّ. فقال: أتمنى
الجنة؛ فسمى منًى لذلك. وقال غيره: إنَّا سمى منى لما يُمنى فيه من الدم. ويقال سمى منًى لما يُمنى
فيه من ثواب الله تبارك وتعالى؛ أي يقدر. قال الله عز وجل: (مِن نطفةٍ إذا تُمنَى)، أراد إذا تقدَّر.
ويقال: مناك الله تعالى بما يسرك، أي قدر الله سبحانه ما يسرك. وقال بعض الرواة: الغول ماء
معروف، والرجام: الهضاب، واحدتها رجمة. قال: والرجام في غير هذا: حجارة تجمع أنصابا
ينسكون عندها ويطوفون بها، واحدتها أيضا رجمة. قال: ويقال للقبر رجم لأن الحجارة تُنضد عليه.
والديار مرفوعة بعفا، والمحل مرفوع بفعل مضمر معناه عفا محلها فمقامها، ولا يجوز أن يكون
المحل والمقام تابعين للديار على جهة التوكيد، لأن الفاء أوجبت التفرق، وإنما يُتبع ما يتبع من هذا
على إنه مشبه بكل، كقولك: قام القوم أحمرهم وأسودهم، معناه قام القوم كلهم، فإذا نسق بالفاء بطل
معنى كل، فبطل الإتباع.
والباء في قوله بمنى فيها قولان: قال هشام بن معاوية الضرير: هي من صلة تأبد، أي تأبد بمنى.
وقال غيره: الباء صلة المضمر الذي رفع المحل، والتقدير: عفا محلها فمقامها بمنى. و (منى) يذكر
ويؤنث، يقال هو منى وهي مِنَى؛ فمن ذكره رواه: (بمنًى) بالتنوين، ومن أنث رواه: (بمنى) بغير
التنوين. قال أبو دهبل