عاش لبيد بن ربيعة مائة وثلاثين سنة، وأدرك معاوية بن أبي سفيان.
قال: وكانت أعطيات العرب ألفين وخمسمائة. قال: فكتب معاوية إلى زياد بن أبيه بحط الخمسمائة.
قال: ففعل. قال فجاء لبيد ليأخذ عطاءه فقال له زياد: أبا عقيل، هذان الخرجان فما بال العلاوة؟ قال:
ألحق العلاوة بالخرجين فإنك لا تثبت إلا قليلا حتى يصير إليك الخرجان والعلاوة! قال: فأعطاه زياد
ألفين وخمسمائة، ولم يعطها غيره. قال: فما أخذ لبيد عطاء حتى مات.
قال هشام: وكان للبيد يوم جبلة تسع سنين، وولد عامر بن الطفيل في تلك الليلة، ووفد عامر إلى
النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن نيف وثمانين سنة.
وقال بعضهم: عاش لبيد مائة وأربعين سنة، وقال حين طوى سبعا وسبعين:
قامت تَشَكَّى إلى النفسُ مُجْهِشةٍ ... وقد حملتُكَ سبعاً بعد سبعينا
فإنْ تُزادِي ثلاثاً تَبلُغي أملاً ... وفي الثلاث وفاءٌ للثمانينا
ويروى: (تبلغي أملا). فلما بلغ تسعين حجة قال:
كأني وقد جاوزت تسعين حِجَّةً ... خَلَعتُ بها عن منكِبَيَّ ردائيا
يقول: كأن مضى هذه السنين في سرعتها بمنزلة خلعي ردائي عن منكبي.
فلما بلغ مائة سنة وعشرا قال:
أليس في مائة قد عاشَها رجلٌ ... وفي تكامل عَشْر بعدها عِبَرُ
فلما بلغ مائة وثلاثين سنة قال:
ولقد سَئِمتُ من الحياة وطولِها ... وسؤالِ هذا الناسِ كيف لبيدُ
غَلبَ العزاءَ وكان غيرَ مغلَّبٍ ... دهرٌ طويل دائمٌ ممدودُ
يومٌ إذا يأتي علىَّ وليلةٌ ... وكلاهما بَعدَ المضاء يعودُ
ويروى: (غلب البقاء). فلما حضرته الوفاة قال لابنه: أي بني، أن أباك لم يمت ولكنه فني، فإذا
قُبض أبوك فغمضه وأقبله القبلة، وسجه بثوبه، ولا أعلمنّ