تذكَّرتُ ليلى والشَّبيبة أعصُرا ... وذكرُ الصّبا بَرْحٌ على من تذكَّرا
وفاعل آنست مضمر فيه من ذكر النعامة، والنبأة منصوبة به، وعصرا منصوب على الوقت، والواو
في وقد واو الحال. والإمساء رفع بدنا، وهو مصدر أمسى.
(فَتَرى خَلْفَها مِن الرَّجْعِ والوقْ ... عِ مَنِيناً كأَنّه إهباءُ)
والمعنى: فترى خلف الناقة من الرجع، أي من رجع قوائمها. و (المنين): الغبار الدقيق الذي تثيره
بقوائمها. وكل ضعيف منين، فعيل بمعنى مفعول. والممنون: الذي ذهبت منته. والمنة: القوة؛ ولذلك
قيل للحبل الخلق منين. قال الله عز وجل: (فلهمْ أجرٌ غَير مَمْنون)، أراد: غير مقطوع ولا ضعيف.
ويقال معناه غير محسوب. وقال آخرون: لا يمن الله سبحانه وتعالى عليهم به. ويقال: فلان قدمنه
السير، أي أضعفه. و (الإهباء): إثارتها الهباء. والهباء: الغبار الذي كأنه دخان. وإذا دخلت الشمس
في الكوة فالذي تراه كأنه غبار من السماء يتناثر هو الهباء. قال الله تبارك وتعالى: (وقَدِمْنا إلى ما
عَمِلوا مْن عَمَلٍ فجعلنْاه هَبَاءً مَنْثوراً). والمنثور: المنتشر المتفرق. والهبوة: الغبرة. قال الشاعر:
وزُرق كسَتْهنّ الأسنة هَبوةً ... أرقّ من الماء الزُّلال كليلُها
الزرق: نصال الأسنة. والأسنة أراد بها المسان التي يحد بها النصال، الواحد مسن. وقوله: كستهن
هبوة، أراد أن النصال جلتها المسان حتى اشتد جلاؤها، فكانت كأن عليها غبرة من شدة الصفاء؛
وهو مثل الظلم في الأسنان، وهو ماؤها، وذلك إذا نظرت إليها خيل إليك أن فيها غبرة من شدة
صفائها وبياضها.