وقال آخر:

تداركنْ حَيًّا من نُميرِ بن عامرٍ ... أُسارَى تُسام الذُّلَّ قتلاً ومَحربا

و (الخسف): الظلم والنقصان. يقول: إذا حمل الملك الناس على الظلم أبينا أن نحتمل ذلك ونقرَّ به.

وموضع أن نصب بأبينا.

(أَلاَ لاَ يَجْهَلنْ أَحَدٌ عَلَينا ... فَنَجْهَلَ فوق جَهْل الجاهلِينا)

فنجهل فوق جهل الجاهلين، معناه فنهلكه ونعاقبه بما هو أعظم من جهله، فنسب الجهل إلى نفسه

وهو يريد الإهلاك والمعاقبة، ليزدوج اللفظان، فتكون الثانية على مثل لفظ الأولى وهي تخالفها في

المعنى؛ لأن ذلك أخف على اللسان وأخصر من اختلافهما. قال الله عز وجل: (فمن اعتدَى عليكم

فاعتدُوا عليه بمثل ما اعتَدَى عليكم)، معناه فعاقبوه على اعتدائه. والثاني ليس اعتداء في الحقيقة، بل

هو عدل، فسمى اعتداء للازدواج والتوفيق بين اللفظتين. قال الله تبارك وتعالى: (وجَزَاءُ سَيئة سَيئةٌ

مِثْلُها)، والسيئة الثانية ليست بسيئة في الحقيقة؛ لأن المجازي بمثل ما فعل به ليس بمسيء. وجاء في

الحديث: (فإن الله لا يملُّ حتى تملُّوا). فمعناه فان الله تعالى لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا من

مسألته وتزهدوا فيها، فالله جل ثناؤه لا يمل في الحقيقة، وإنما نسب المل إليه لازدواج اللفظين. وقال

بعضهم: أراد بقوله (فنجهل) فنجازيه، فسمى المجازاة على الجهل جهلا، كما قال الله تعالى: (إنَّ

المنافِقين يُخادعون اللهَ وهو خادعُهم)، يريد مجازيهم على مخادعتهم. وقرأ عبد الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015