ودار عبلة منصوب على النداء، وعبلة مخفوضة بإضافة الدار اليها، ونصبت لأنها لا تجرى
للتعريف والتأنيث. والباء التي في الجواء صلة الدار. وإنما جاز للدار أن توصل وهي مضافة إلى
معرفة لأن تأويلها يا دارا لعبلة بالجواء. ومثله قول النابغة:
يا دارَ ميَّةَ بالعلياء فالسَّنَدِ ... أقْوَتْ وطال عليها سالفُ الأبدِ
وقوله (وعمي صباحا) عمى جزم على الأمر، علامة الجزم فيه سقوط النون والصباح منصوب على
الوقت. وقال أبو عمرو بن العلاء: عمى، من قولهم: عمت السماء تعمى. وهذا عندنا خطأ، لأنه لو
كان كذلك لكان واعمي على مثال واقضي، لأن عمت تعمى على مثال قضت تقضي، فينبغي أن
يكون أمر المؤنث منه اعمي على مثال أقضي. وكان أصحابنا ينكرون قول أبي عمرو ويحتجون
بهذا الذي وصفناه، وقالوا: الصحيح عندنا أن يكون عمى من وعمت تعم، على مثال وعدت تعد،
فيكون الأمر منه عمى على مثال عدى. وكان الأصل في المستقبل يوعد ويوعم فحذفت الواو
لوقوعها بين الكسرة والياء.
(فوَقَفْتُ فِيها ناقَتِي وكأَنَّها ... فَدَنٌ لأَقضِيَ حَاجَةَ المتَلَوِّمِ)
(الفدن): القصر، قال الشاعر:
فلمَّا أن جَرَى سِمَنٌ عليها ... كما بطَّنت بالفَدَن السَّيَاعا
معناه كما بطنت الفدن بالسياع. والفدن: القصر. والسياع: الصاروج. و (المتلوم): المتمكث. فيقول:
لأقضي حاجتي التي تلومت لها، أي تمكثت. وعنى بالمتلوم نفسه. ويقول الرجل لصاحبه: تلوم عليَّ،
أي تحبس وتمكث.
والهاء التي في قوله تعود على الدار، والهاء التي في كأنها تعود على الناقة، وأقضى في قول
الكوفيين منصوب بلام كي، وهو في قول البصريين منصوب بإضمار أن، كأنه قال: لأن أقضي.
وقال الكوفيون: معناه لكي أقضي.