ثم أن عمرو بن أمامة لحق باليمن، فأتى ملكها ومعه ناس من قيس بن عيلان وغيرهم، وسار معه

طرفة بن العبد، وكان طرفة خلف إبلا لأبيه في جوار قابوس وعمرو بن قيس بن مسعود بن عامر

بن عمرو بن أبي ربيعة الشيباني، فلما قدم عمرو بن أمامة على الملك اليماني سأله أن يبعث معه

جندا يقاتل به أخاه عن نصيبه من ملك أبيه، فقال له: اختر من شئت. فاختار مرادا، فسيرهم معه،

وأقبل حتى نزل بهم واديا يقال له قضيب، من أرض قيس عيلان، فتلاومت مراد بينها وقالوا: تركتم

أموالكم ودياركم وعشائركم وتبعتم هذا الأنكد! فتمارض هبيرة بن عبد يغوث بن عمرو ابن الغذيل بن

سلمة بن بذاء بن عامر بن عوثبان، وشرب ماء الرقة، وهي البثر، فاصفر لونه، وهو صاحب مراد.

فبلغ ذلك عمرا فبعث إليه طبيبا وقد شرب هبيرة بن عبد يغوث المغرة، فلما دخل عليه الطبيب

جعل يمجها، فأدخل الطبيب مكاويه في النار ثم جعل يضعها على بطنه، فكلما وضع مكواة قال:

أصبت أصبت موضع الداء! حتى كشح بطنه بالنار - والكشح: الكي - وهو يريد إنه لا يجد مسها،

فسمى هبيرة المكشوح. ورجع الطبيب إلى عمرو بن امامة فقال: وجدته مريضا، ووجدته لا يجد مس

النار. فلما اطمأن عمرو بن أمامة سار إليه المكشوح وثار به من تلك الليلة، فلم يشعر حتى أحاطوا

به.

وقد كان عمرو بن أمامة عرس بجارية من مراد، وكانت أم ولده الغسانية معه، فسمعت جلبة الخيل

فقالت: أي عمرو أتيت! سال قضيب بماء وحديد. وقال ابن الكلبي: (لقد سال قضيب حديدا، وجاءتك

مراد وفودا). فذهبت مثلا. فقال لها عمرو: (وأنت غيري نغرة!). والنغرة: التي تغلى منالغيرة كما

تنغر القدر، أي انك غرت عليَّ. فذهبت مثلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015