ويمننا: الإقليمان المعروفان، أو: البلاد التي عن: يميننا وشمالنا أعم منهما.
(قال: قالوا) بعض الصحابة. (وفي نجدنا) وهو خلاف الغور، وهو: تهامة، وكل ما ارتفع من بلاد تهامة إلى أرض العراق، (قال: قال) ولأبي ذر: فقال: قال:
اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا قال: قالوا: وفي نجدنا؟ قال: (هناك الزلازل) ولأبوي ذر. والوقت، وابن عساكر: هنالك، بلام قبل الكاف (و) هناك (الفتن وبها) أي: بنجد (يطلع قرن الشيطان) أي أمته وحزبه.
وإنما ترك الدعاء لأهل المشرق، لأنه علم العاقبة، وأن القدر سبق بوقوع الفتن فيها، والزلازل، ونحوها من العقوبات. والأدب أن لا يدعى بخلاف القدر مع كشف العاقبة، بل يحرم حينئذٍ. والله أعلم.
"تكميل".
ويستحب لكل أحد أن يتضرع بالدعاء عند الزلازل ونحوها، كالصواعق، والريح الشديدة، والخسف وأن يصلّي منفردًا لئلا يكون غافلاً. لأن عمر، رضي الله عنه، حث على الصلاة في زلزلة. ولا يستحب فيها الجماعة.
وما روي عن علي: أنه صلّى في زلزلة جماعة، قال النووي: لم يصح. ولو صح قال أصحابنا: محمول على الصلاة منفردًا. قال في الروضة: قال الحليمي: وصفتها عند ابن عباس وعائشة كصلاة الكسوف. ويحتمل أن لا تغير عن المعهود إلا بتوقيف.
قال الزركشي: وبهذا الاحتمال جزم ابن أبي الدم، فقال: تكون كهيئة الصلوات، ولا تصلّى على هيئة الخسوف قولاً واحدًا، ويسن الخروج إلى الصحراء وقت الزلزلة. قاله العبادي. ويقاس بها نحوها، وتقدم ما كان عليه الصلاة والسلام يقوله: إذا عصفت الريح قريبًا ... والله أعلم.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شُكْرَكُمْ.
(باب قول الله تعالى {وتجعلون رزقكم}) الرزق بمعنى الشكر في لغة، أو أراد: شكر رزقكم الذي هو المطر، ففيه إضمار ({أنكم تكذبون}) بمعطيه، وتقولون: مطرنا بنوء كذا، أو تجعلون حظكم ونصيبكم من القرآن تكذيبكم به.
(قال ابن عباس) رضي الله عنهما: (شكركم) روى منصور بن سعيد بإسناد صحيح، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ: وتجعلون شكركم، أنكم تكذبون. ولا يقرأ به لمخالفته السواد.
نعم، روي نحو أثر ابن عباس مرفوعًا من حديث علي عند عبد بن حميد، لكنه يدل على التفسير لا على القراءة، ولفظه {وتجعلون رزقكم} قال: تجعلون شكركم، تقولون: مطرنا بنوء كذا.
1038 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ
عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ».
وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) هو: ابن أنس، إمام دار الهجرة (عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله) بضم العين في الأول (ابن عتبة بن مسعود، عن زيد بن خالد الجهني، أنه قال):
(صلّى لنا) أي: لأجلنا وهو من باب المجاز وإلا فالصلاة لله لا لغيره، أو: اللام بمعنى الباء، أي: صلّى بنا (رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلاة الصبح بالحديبية) مخففة الياء كما في الفرع وأصله، وعليه المحققون، مشددة عند الأكثر من المحدثين. سميت بشجرة حدباء كانت بيعة الرضوان تحتها، حال كون صلاته (على إثر سماء) بكسر الهمزة وسكون المثلثة، على المشهور، أي: عقب مطر، وأطلق عليه سماء لكونه ينزل من جهتها، وكل جهة علو تسمى سماء (كانت) أي: السماء (من الليلة) بالإفراد، وللأصيلي، والكشميهني: من الليل (فلما انصرف النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من صلاته أو مكانه (أقبل على الناس) بوجهه الكريم (فقال) لهم:
(هل تدرون ماذا قال ربكم)؟ لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه التنبيه. وللنسائي: من رواية سفيان، عن صالح: ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة؟.
(قالوا الله ورسوله أعلم) قال:
(قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر) كفر إشراك لمقابلته للإيمان، أو: كفر نعمة بدلالة ما في مسلم: قال الله: ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين والإضافة في عبادي للملك لا للتشريف (فأما من قال: مطرنا بفضل الله، ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب) وللحموي، وابن عساكر، وأبي الوقت: مؤمن بي وكافر بالكوكب، (وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا) بفتح النون، وسكون الواو والهمزة، بكوكب كذا، معتقدًا ما كان