ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة فكما جاز إعانة المعسر بالكفارة عن وقاعه في نهار رمضان كذلك يجوز إعانة المعسر بالكفارة عن يمينه إذا حنث فيه، وقد قيل إن هذا الحديث استنبط منه بعضهم ألف مسألة وأكثر.
هذا (باب) بالتنوين (يعطي) الشخص الذي وجبت عليه الكفارة (في الكفارة) إذا كانت عن يمين (عشرة مساكين) كما في القرآن (قريبًا كان) المسكين (أو بعيدًا) فالتذكير في قريبًا وبعيدًا باعتبار لفظ مسكين ولذا قال: كان دون كانت ولا كانوا أو لأن فعيلاً يستوي فيه التذكير والتأنيث كما في قوله: {إن رحمة الله قريب من المحسنين} [الأعراف: 56].
6711 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَلَكْتُ قَالَ: «وَمَا شَأْنُكَ»؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى فِى رَمَضَانَ قَالَ: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً»؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالَ: لاَ أَجِدُ، فَأُتِىَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ: «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ» فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَفْقَرُ مِنَّا، ثُمَّ قَالَ: «خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن حميد) بالتصغير ابن عبد الرَّحمن (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه (قال: جاء رجل) من بني بياضة اسمه سلمة بن صخر أو أعرابي (إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) يا رسول الله
(هلكت) وفي رواية عائشة في الصوم أنه احترق وأطلق ذلك لاعتقاده أن مرتكب الإثم يعذب بالنار فهو مجاز عن العصيان (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(وما شأنك؟ قال: وقعت على امرأتي) جامعتها (في) نهار (رمضان. قال): ولأبي ذر فقال (هل تجد ما تعتق)؟ بضم الفوقية (رقبة قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا) سقط قوله قال فهل إلى آخره (قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟ قال: لا أجد) قال أبو هريرة: (فأتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعرق فيه تمر فقال خد هذا) التمر (فتصدق به) على ستين مسكينًا (فقال: أعلى) أي أتصدق به على أحد (أفقر منا ما بين لابتيها) حرتي المدينة (أفقر منا. ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (خذه) أي التمر (فأطعمه أهلك).
قال ابن المنير: ليس في الحديث إلا قوله اطعمه أهلك لكن إذا جاز إعطاء الأقرباء فالبعداء أجوز وقاس كفارة اليمين على كفارة الجماع في الصيام في إجازة الصرف إلى الأقرباء اهـ. وهو على رأي من حمل قوله أطعمه أهلك على أنه في الكفارة، وأما من حمله على أنه أعطاه التمر المذكور في الحديث لينفقه على أهله وتستمر الكفارة في ذمته إلى أن يحصل له اليسار فلا يتجه الإلحاق وكذا على قول من يقول بالإسقاط عن المعسر مطلقًا قاله في الفتح، وفي رواية ابن إسحاق خذها وكلها وأنفقها على عيالك أي لا عن الكفارة بل هي تمليك مطلق بالنسبة إليه وإلى عياله وكان ذلك من مال الصدقة وأما حديث عليّ فكله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك فضعيف لا يحتج به، وقد ورد الأمر بالقضاء كما في حديث عند البيهقي.
(باب) بيان (صاع المدينة) الذي يجب الإخراج به في الواجبات لأن التشريع وقع أولاً على ذلك (و) بيان (مد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبركته) أي المد أو كل منهما أو المراد بركته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في دعائه حيث دعا: اللهم بارك لهم في مكيالهم ومدّهم وصاعهم. (وما توارث أهل المدينة من ذلك قرنًا بعد قرن).
6712 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِىُّ، حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمُ الْيَوْمَ، فَزِيدَ فِيهِ فِى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
وبه قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي قال: (حدّثنا القاسم بن مالك المزني) بضم الميم وفتح الزاي وكسر النون قال: (حدّثنا الجعيد بن عبد الرَّحمن) بضم الجيم وفتح العين المهملة بعدها تحتية ساكنة فدال مهملة
الكندي (عن السائب بن يزيد) الكندي ويقال الليثي ويقال الأزدي المدني أنه (قال: كان الصاع على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مدًّا وثلثًا بمدكم اليوم فزيد فيه) في الصاع (في زمن عمر بن عبد العزيز) قال ابن بطال: فيما نقله في الفتح: هذا يدل على أن مدهم حين حدّث به السائب كان أربعة أرطال فإذا زيد عليه ثلثه وهو رطل وثلث قام منه خمسة أرطال وثلث وهو الصاع بدليل أن مدّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رطل وثلث وصاعه أربعة أمداد، ثم قال: وأما مقدار ما زيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز فلا نعلمه وإنما الحديث يدل على أن مدّهم ثلاثة أمداد بمدّه اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: ومن لازم ما قال