عن الغسل يقع على هيئة الغسل، (فصليت
فذكرت ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولغير أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر فذكرته للنبي بإسقاط لفظ
ذلك (فقال النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وللأصيلي فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إنما كان يكفيك هكذا) بالكاف بعد الهاء وللحموي
والمستملي هذا (فضرب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكفّيه) ولأبي ذر فضرب بكفّيه (الأرض) وللأصيلي في الأرض
(ونفخ فيهما) نفخًا تخفيفًا للتراب، وهو محمول على أنه كان كثيرًا، (ثم مسح بهما وجهه وكفّيه) إلى
الرسغين. وهذا مذهب أحمد فلا يجب عنده المسح إلى المرفقين ولا الضربة الثانية للكفين، واستشكل
بأن ما يمسح به وجهه يصير مستعملاً، فكيف يمسح به كفّيه؟ وأجيب بأنه يمكن أن يمسح الوجه
ببعض والكفّين بباقيهما، والمشهور عند المالكية وجوب ضربتين والمسح إلى المرفقين، واختلف عندهم
إذا قتصر على الرسغين وصلى، فالمشهور أنه يعيد في الوقت، ومذهب أبي حنيفة والشافعي،
وصححه النووي رحمه الله وجوب ضربة لمسح وجهه وأخرى ليديه والمسح إلى المرفقين قياسًا على
الوضوء لحديث أبي داود أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تيمم بضربتين مسح بإحداهما وجهه، وروى الحاكم والدارقطني،
عن أبي عمر، وعن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين" وإلى هنا
بمعنى مع والقياس على الوضوء دليل على أن المراد بقوله في حديث عمار وكفيه أي إلى المرفقين،
وصحح الرافعي الاكتفاء بضربة لحديث الباب، والأوّل أصح مذهبًا، والثاني أصح دليلاً، وأما
حديث الدارقطني والحاكم "التيمم ضربتان" الخ فالصواب وقفه على ابن عمر، وأما حديث أبي داود
فليس بالقوي، وقضية حديث عمار الاكتفاء بمسح الوجه والكفين وهو قول قديم. قال في
المجموع: وهو وإن كان مرجوحًا عند الأصحاب فهو القوي في الدليل كما قال الخطابي: الاقتصار
على الكفين أصح في الرواية، ووجوب الذراعين أشبه بالأصول وأصح في القياس، ولو كان التراب
ناعمًا كفى وضع اليد عليه من غير ضرب. وفي الحديث: إن مسح الوجه واليدين بدل في الجنابة
عن كل البدن، وإنما لم يأمره بالإعادة لأنه عمل أكثر مما كان يجب عليه في التيمم.
ورواة هذا الحديث الثمانية ما بين خراساني وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة والقول وثلاثة من
الصحابة، وأخرجه المؤلف رحمه الله في الطهارة وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن
هذا (باب) بالتنوين (التيمم للوجه والكفّين) التيمم للوجه مبتدأ والكفين عطف على الوجه
والخبر محذوف قدّره الحافظ ابن حجر بقوله هو الواجب المجزئ والعيني: التيمم ضربة واحدة
للوجه والكفّين. قال: ثم نقدّر بعد ذلك لفظ جوازًا يعني من حيث الجواز أو نقدّر وجوبًا يعني من
حيث الوجوب. قال: والتقييد بالوجوب لا يفهم منه لأنه أعم من ذلك اهـ.
وقد عقد المؤلف رحمه الله للضربة الواحدة بابًا يأتي إن شاء الله تعالى فليتأمل مع قول العيني
ضربة واحدة.
339 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَمَّارٌ بِهَذَا، وَضَرَبَ شُعْبَةُ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ، ثُمَّ أَدْنَاهُمَا مِنْ فِيهِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. وَقَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ ذَرًّا يَقُولُ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ الْحَكَمُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ.
وبالسند قال: (حدّثنا حجاج) هو ابن منهال بكسر الميم (قال: أخبرنا) ولأبوي ذر والوقت
والأصيلي وابن عساكر حدّثنا (شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بن عتيبة الفقيه الكوفي وللأصيلي
وكريمة أخبرني بالإفراد الحكم (عن ذر) بفتح الذال المعجمة ابن عبد الله الهمداني (عن سعيد بن
عبد الرحمن) وللحموي والمستملي عن ابن عبد الرحمن (بن أبزى) بفتح الهمزة والزاي المعجمة بينهما
موحدة ساكنة (عن أبيه) عبد الرحمن (قال عمار بهذا) إشارة إلى سياق المتن السابق من رواية آدم عن
شعبة لكن ليس في رواية حجاج هذه قصة عمر قال حجاج (وضرب شعبة) بن الحجاج (بيديه
الأرض ثم أدناهما) أي قرّبهما (من فيه) كناية عن النفخ وفيه إشارة إلى أنه كان نفخًا خفيفًا (ثم مسح
وجهه) ولأبوي ذر والوقت ثم مسح بهما وجهه (وكفيه) أي إلى الرسغين أو إلى المرفقين.
(وقال النضر) بالنون والضاد المعجمة ابن شميل مما وصله مسلم (أخبرنا شعبة) هو ابن الحجاج
المذكور (عن الحكم) بن عتيبة (قال):
(سمعت ذرًّا يقول) في السابقة عن ذر فصرح في هذه