بالسماع (عن ابن عبد الرحمن بن
أبزى. قال الحكم) بن عتيبة المذكور: (وقد سمعته من ابن عبد الرحمن عن أبيه) عبد الرحمن، ولابن
عساكر من ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه، وأفادت هذه أن الحكم سمعه من شيخ شيخه
سعيد بن عبد الرحمن، قال في الفتح: والظاهر أنه سمعه من ذر عن سعيد ثم لقي سعيدًا فأخذه
عنه، وكأنه سماعه له من ذر كان أتقن، ولهذا أكثر ما يجيء في الروايات بإثباته اهـ.
(قال) عبد الرحمن بن أبزى (قال عمار) أي ابن ياسر زاد في غير الفرع "الصعيد الطيب" أي
التراب الطاهر "وضوء المسلم يكفيه" أي يجزيه "من الماء" عند عدمه. قال الشافعي: الصعيد لا يقع
إلا على تراب له غبار، وفي معناه الرمل إذا ارتفع له غبار فيكفي التيمم به إذا لم يلصق بالعضو
بخلاف ما لا غبار له أو له غبار لكنه يلصق بالعضو.
340 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ وَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ كُنَّا فِي سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا، وَقَالَ تَفَلَ فِيهِمَا.
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الأزدي الواشحي بمعجمة ثم مهملة البصري قاضي مكة
(قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بن عتيبة (عن ذر) ولأبي ذر والأصيلي سمعت ذرًّا (عن
ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه).
(أنه شهد) أي حضر (عمر) بن الخطاب رضي الله عنه. (وقال له عمار) هو ابن ياسر (كنا في
سرية فأجنبنا) أي صرنا جنبًا الحديث السابق. (وقال) مكان نفخ فيهما (تفل فيهما) أي في يديه،
قال الجوهري: والتفل شبيه بالبزاق وهو أقل منه أوله البزاق ثم التفل ثم النفث ثم النفخ.
341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ لِعُمَرَ تَمَعَّكْتُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ «يَكْفِيكَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة (قال: أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم عن ذر
عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن عبد الرحمن) ولابن عساكر زيادة ابن أبزى، ولأبي ذر عن
الكشميهني والأصيلي وأبي الوقت عن أبيه بدل قوله عن عبد الرحمن (قال):
(قال عمار لعمر) رضي الله عنهما (تمعكت) أي تمرّغت (فأتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فذكرت ذلك له،
(فقال: يكفيك) أي لكل فريضة واحدة تيممت لها وما شئت من النوافل أو في كل الصلوات
فرضها ونفلها (الوجه) بالرفع على الفاعلية (والكفّان) عطف عليه كذا في رواية الأصيلي وابن
عساكر، ولأبي ذر وكريمة كما في فتح الباري الوجه والكفّين بالنصب فيهما أي تمسح الوجه
والكفّين، ولغيرهم الوجه بالرفع على الفاعلية والكفين بالنصب على أنه مفعول معه أي يكفيك الوجه
مع الكفين قيل: وروي الوجه والكفّين بالجر فيهما، ووجهه ابن مالك في التوضيح بوجهين
أحدهما: أن الأصل يكفيك مسح الوجه فحذف المضاف وبقي المجرور به على ما كان عليه. والثاني
أن تكون الكاف من يكفيك حرفًا زائدًا كما في (ليس كمثله شيء) وتعقبه الدماميني فقال يدفعه
كتابة الكاف متصلة بالفعل اهـ. أي بقوله: يكفي والظاهر ثبوت الجر رواية فإنه ثابت مع بفية
الأوجه السابقة في نسخة الفرع المقابلة على نسخة الحافظ شرف اليونيني الذي عوّل الناس عليه في
ضبط روايات البخاري، حتى أن سيبويه عصره الجمال ابن مالك حضره عند سماع البخاري عليه،
فكان إذا مرّ من الألفاظ ما يتراءى مخالفته لقوانين اللسان العربي سأله عنه فإن أجاب أنه كذلك أخذ
ابن مالك في توجيهه، ومن ثم جمع كتابه التوضيح، ومعنى الحديث يكفيك مسح الوجه والكفّين في
التيمم، ومفهومه أن ما زاد على الكفين ليس بفرض، وإليه ذهب الإمام أحمد كما مرّ، وحكي عن
الشافعي في القديم وهو القوي من جهة الدليل، وأما القياس على الوضوء فجوابه أنه قياس في
مقابلة النص فهو فاسد الاعتبار.
وأجيب إن حديث عمار هذا لا يصلح الاحتجاج به لاضطرابه حيث روى والكفّين، وفي
رواية أخرى والكوعين، وفي أخرى لأبي داود ويديه إلى نصف الذراع، وفي أخرى له والذراعين إلى
نصف الساعد ولم يبلغ المرفقين، وفي أخرى له إلى المرفقين، وفي أخرى له أيضًا والنسائي وأيديهم
إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط وهذه الزيادة على تسليم صحتها لو ثبت بالأمر دلّت على
النسخ ولزم قبولها، لكن إنما وردت بالفعل فتحمل على الأكمل، وقد قال الحافظ ابن حجر: إن
الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار وما عداهما فضعيف
أو مختلف في رفعه، ووقفه والراجح