موضعان بين مكة والمدينة والشك من أحد الرواة عن
عائشة، وقيل: منها واستبعد والذي في غير هذا الحديث أنه كان بذات الجيش كحديث عمار بن
ياسر رضي الله عنه عند أبي داود والنسائي بإسناد جيد، قال: عرّس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذات الجيش
ومعه عائشة زوجه فانقطع عقدها الحديث، ولم يشك بينه وبين البيداء (انقطع عقد لي) بكسر العين
وسكون القاف أي قلادة لي كان ثمنها اثني عشر درهمًا، والإضافة في قولها ليس باعتبار حيازتها اللعقد
واستيلائها لمنفعته لا أنه ملك لها بدليل ما في الباب اللاحق أنها استعارت من أسماء قلادة (فأقام
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على التماسه) أي لأجل طلب العقد (وأقام الناس معه وليسوا على ماء) ولغير أبي ذر:
وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فالجملة الأخيرة وهي وليس معهم ماء ساقطة عند أبي ذر هنا فقط
(فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق) رضي الله عنه (فقالوا) له (ألا ترى إلى ما صنعت عائشة) بإثبات
ألف الاستفهام الداخلة على لا وعند الحموي لا ترى بسقوطها (أقامت برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والناس) بالجر
(وليسوا على ماء وليس معهم ماء) أسند الفعل إليها لأنه كان بسببها (فجاء أبو بكر) رضي الله عنه
(ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واضع رأسه على فخذي) بالذال المعجمة (قد نام فقال: حبست رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و)
حبست (الناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء فقالت عائشة) رضي الله عنها: (فعاتبني أبو بكر وقال
ما شاء الله أن يقول) فقال: حبست الناس في قلادة وفي كل مرة تكونين عناء (وجعل يطعنني
بيده في خاصرتي) بضم العين وقد تفتح أو الفتح للقول كالطعن في النسب والضم للرمح، وقيل:
كلاهما بالضم ولم تقل عائشة فعاتبني أبي بل أنزلته منزلة الأجنبي لأن منزلة الأبوّة تقتضي الحنوّ وما
وقع من العتاب بالقول والتأديب بالفعل مغاير لذلك في الظاهر (فلا) وللأصيلي فما (يمنعني من
التحرك إلاّ مكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على فخذي، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين أصبح) دخل في الصباح، وعند
المؤلف في فضل أبي بكر فقام حتى أصبح (على غير ماء) متعلق بقام وأصبح فتنازعا فيه (فأنزل الله
آية التيمم) التي بالمائدة، ووقع عند الحميدي في الحديث وفيه فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُم} الآية إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] ولى يقل آية
الوضوء وإن كان مبدوءًا به في الآية لأن الطارئ في ذلك الوقت حكم التيمم والوضوء كان مقررًّا
يدل عليه وليس معهم ماء (فتيمموا) بلفظ الماضي أي تيمم الناس لأجل الآية، أو هو أمر على ما هو
لفظ القرآن ذكره بيانًا أو بدلاً عن آية التيمم أي أنزله الله فتيمموا (فقال) وفي رواية قال (أسيد بن
الحضير) بضم الهمزة في الأوّل مصغر أسد وبضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة في الآخر
الأوسي الأنصاري الأشهلي أحد النقباء ليلة العقبة الثانية، المتوفى بالمدينة سنة عشرين (ما هي) أي
البركة التي حصلت للمسلمين برخصة التيمم (بأول بركتكم يا آل أبي بكر) بل هي مسبوقة بغيرها
من البركات، وفي رواية عمرو بن الحرث: لقد بارك الله للناس فيكم، وفي تفسير إسحاق البستي
من طريق ابن أبي مليكة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ما أعظم بركة قلادتك" (قالت) عائشة رضي الله عنها:
(فبعثنا) أي أثرنا (البعير الذي كنت) راكبة (عليه) حالة السير مع أسيد بن حضير (فأصبنا) ولابن
عساكر فوجدنا (العقد تحته). وللمؤلف من هذا الوجه في فضل عائشة فبعث ناس من أصحابه في
طلبها أي القلادة. وفي الباب التالي لهذا الباب فبعث عليه الصلاة والسلام رجلاً فوجدها، ولأبي
داود فبعث أسيد بن حضير وناسًا معه وجمع بينها بأن أسيدًا كان رأس من بعث فلذلك سمي في
بعض الروايات وكأنم لم يجدوا العقد أوّلاً، فلما رجعوا ونزلت آية التيمم وأرادوا الرحيل وأثاروا
البعير وجده أسيد بن حضير. وقال النووي: يحتمل أن يكون فاعل وجدها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
واستنبط من الحديث جواز تأديب ابنته ولو كانت مزوجة كبيرة وغير ذلك مما لا يخفى. ورواته