الخمسة مدنيون إلا الأوّل وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في النكاح
والتفسير والمحاربين ومسلم والنسائي في الطهارة.
335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ح قَالَ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ الْفَقِيرُ - قَالَ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الَْغنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً». [الحديث 335 - طرفاه في: 438، 3122].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين المهملة وتخفيف النون زاد الأصيلي وهو العوفي
بفتح العين المهملة والواو وكسر القاف الباهلي البصري (قال: حدّثنا) وفي رواية أخبرنا (هشيم) بضم
الهاء وفتح المعجمة وسكون المثناة التحتية ابن بشير بفتح الموحدة وكسر المعجمة الواسطي، المتوفى
سنة ثلاث وثمانين ومائة (ح) مهملة للتحويل كما مرّ.
(قال) أي البخاري (وحدّثني) بالإفراد وللأصيلي، وحدّثنا (سعيد بن النضر) بفتح النون
وسكون المعجمة أبو عثمان البغدادي (قال أخبرنا هشيم) الذكور (قال: أخبرنا سيار) بفتح السين
المهملة وتشديد المثناة التحتية آخره راء ابن أبي سيار وردان الواسطي (قال: حدّثنا يزيد) من الزيادة
في غير رواية أبي ذر والأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر كما في الفرع هو ابن صهيب (الفقير) لأنه
كان يشكو فقار ظهره الكوفي أحد مشايخ أبي حنيفة (قال: أخبرنا) وفي رواية حدّثنا (جابر بن
عبد الله) الأنصاري رضي الله عنه (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(أعطيت) بضم الهمزة (خمسًا) أي خمس خضال، وعند مسلم من حديث أبي هريرة "فضلت
على الأنبياء بست" ولعله اطلع أوّلاً على بعض ما اختص به ثم اطلع على الباقي، وإلاّ فخصوصياته
عليه الصلاة والسلام كثيرة والتنصيص على عدد لا يدل على نفي ما عداه، وقد استوفيت من
الخصائص جملة كافية مع مباحث وافية في كتابي الواهب اللدنية بالمنح المحمدية ولله الحمد.
وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أحمد أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال ذلك عام غزوة تبوك (لم
يعطهن أحد) من الأنبياء (قبلي) زاد في حديث ابن عباس لا أقولهن فخرًا وظاهر الحديث أن كل
واحد من الخمس لم يكن لأحد قبله وهو كذلك (نصرت) بضم النون وكسر الصاد (بالرعب) بضم
الراء الخوف يقذف في قلوب أعدائي (مسيرة شهر) جعل الغاية شهرًا لأنه لم يكن بين بلده وبين أحد
من أعدائه أكثر منه، (وجعلت لي الأرض) كلها (مسجدًا) بكسر الجيم موضع سجود لا يختص
السجود منها بموضع دون آخر أو هو مجاز عن المكان المبني للصلاة، وهو من مجاز التشبيه إذ
المسجد حقيقة عرفية في المكان المبني للصلاة، فلما جازت الصلاة في الأرض كلها كانت كالمسجد
في ذلك فأطلق عليها اسمه.
فإن قلت: أيّ داع إلى العدول عن حمله على حقيقته اللغوية وهي موضع السجود؟ أجاب في
المصابيح بأنه إن بني على قول سبيويه أنه إذا أريد به موضع السجود قيل مسجد بالفتح فقط فواضح،
وإن جوز الكسر فيه فالظاهر أن الخصوصية هي كون الأرض محلاً لإيقاع الصلاة بجملتها لا لإيقاع
السجود فقط، فإنه لم ينقل عن الأمم الماضية أنها كانت تخص السجود بموضع دون موضع اهـ.
نعم نقل ذلك في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا، وكان من قبل إنما
يصلون في كنائسهم وهذا نص في موضع النزاع فتثبت الخصوصية، ويؤيده ما أخرجه البزار من
حديث ابن عباس نحو حديث الباب، وفيه لم يكن من الأنبياء أحد يصلي حتى يبلغ محرابه وعموم
ذكر الأرض في حديث الباب مخصوص بما نهى الشارع عن الصلاة فيه، ففي حديث أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه مرفوعًا: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" ورواه أبو داود وقال الترمذي
حديث فيه اضطراب، ولذا ضعّفه غيره، وفي حديث ابن عمر عند الترمذي وابن ماجة: نهى
النبيب -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي
معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله عز وجل. قال الترمذي إسناده ليس بالقوي: وقد تكلم في
زيد بن جبير فمن قبل حفظه.
(و) جعلت ليس الأرض (طهورًا) بفتح الطاء على المشهور واحتج به مالك وأبو حنيفة على جواز
التيمم بجميع أجزاء الأرض لكن في حديث حذيفة عند مسلم، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا،
وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء وهو خاص فيحمل العام عليه فتختص الطهورية