(سمعت خالتي ميمونة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنها) أي ميمونة (كانت تكون) إحداهما زائدة كقوله:
وجيران لنا كانوا كرام
فلفظة كانوا زائدة وكرام بالجر صفة لجيران أو في كان ضمير القصة وهو اسمها حائضًا
وخبرها حائضًا، أو تكون هنا بمعنى تصير ولابن عساكر أنها تكون (حائضًا لا تصلي وهي مفترشة)
أي منبسطة على الأرض (بحذاء) بكسر الحاء المهملة وبالذال المعجمة والد أي إزاء (مسجد) بكسر
الجيم أي موضع سجود (رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من بيته لا مسجده المعهود كذا قرروه، وتعقبه في المصابيح
بأن المنقول عن سيبويه أنه إذا أريد موضع السجود قيل مسجد بالفتح فقط. (وهو) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
(يصلي على خمرته) بضم الخاء المعجمة وسكون الميم سجادة صغيرة من خوص سميت بذلك لسترها
الوجه والكفّين من حرّ الأرض وبردها، ومنه الخمار (إذا سجد) عليه الصلاة والسلام (أصابني بعض
ثوب) هذا حكاية لفظها، وإلا فالأصل أن تقول أصابها. والجملة حالية، واستنبط منه عدم نجاسة
الحائض والتواضع والمسكنة في الصلاة بخلاف صلاة المتكبرين على سجاجيد غالية الأثمان مختلفة
الألوان.
ورواة هذا الحديث الستة ما بين بصري وكوفي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة،
وأخرجه المؤلف في الصلاة وكذا مسلم وأبو داود وابن ماجة ولله الحمد.
بسم الله الوحمن الوحيم
{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6].
(بسم الله الرحمن الرحيم) كذا لكريمة بتقديم البسملة على تاليها لحديث كل أمر ذي بال،
ولأبي ذر تأخيرها بعد اللاحق كتأخيرها عن تراجم سور التنزيل، وسقطت من رواية الأصيلي
(كتاب) بيان أحكام (التيمم) ولغير أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر باب التيمم وهو لغة
القصد. يقال: تيممت فلانًا ويممته وتأممته وأممته أي قصدته. وشرعًا مسح الوجه واليدين فقط
بالتراب، وإن كان الحدث أكبر وهو من خصوصيات هذه الأمة وهو رخصة. وقيل: عزيمة، وبه
جزم الشيخ أبو حامد ونزل فرضه سنة خمس أو ست (قول الله تعالى) بلا واو مع الرفع مبتدأ خبره ما
بعده، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي عز وجل بدل قوله تعالى، وللأصيلي وابن عساكر وقول الله
بواو العطف على كتاب التيمم أو باب التيمم أي وفي بيان قول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء) قال
البيضاوي: فلم تتمكنوا من استعماله إذ الممنوع منه كالمفقود {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] أي فتعمدوا شيئًا من وجه الأرض طاهرًا، ولذلك قالت
الحنفية: لو ضرب المتيمم يده على حجر صند ومسح أجزأه وقال أصحابنا الشافعية: لا بدّ من أن
يعلق باليد شيء من التراب لقوله: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} أي من بعضه، وجعل من
لابتداء الغاية تعسف إذ لا يفهم من نحو ذلك إلا التبعيض، ووقع في رواية النسفيّ وعبدوس
والمستملي والحموي (فإن لم تجدوا) قال الحافظ أبو ذر عند القراءة عليه التنزيل فلم تجدوا، ورواية
الكتاب فإن لم تجدوا. قال عياض في المشارق: وهذا هو الصواب، ووقع في رواية الأصيلي (فلم
تجدوا ماء فتيمموا) الآية وفي رواية أبي ذر إلى (وأيديكم) لم يقل منه وزيادتها لكريمة والشبوي
وهي تعين آية المائدة دون النساء.
1 - باب
334 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ - أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ - انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ. [الحديث 334 - أطرافه في: 336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845].
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن
عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق (عن أبيه) القاسم (عن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
رضي الله عنها (قالت):
(خرجنا مع رسول الله) ولابن عساكر النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض أسفاره) وهو غزوة بني المصطلق
كما قاله ابنا سعد وحبان، وجزم به ابن عبد البر في الاستذكار وكانت سنة ست كما ذكره المؤلف
عن ابن إسحاق، أو خمس كما قاله ابن سعد، ورجحه أبو عبد الله الحاكم في الإكليل، وفي هذه
الغزوة كانت قصة الإفك، وقال الداودي: وكانت قصة التيمم في غزوة الفتح ثم تردد في ذلك (حتى
إذا كنا بالبيداء) بفتح الموحدة والمدّ أدنى إلى مكة من ذي الحليفة (أو بذات الجيش) بفتح الجيم
وسكون المثناة التحتية آخره شين معجمة