لسنا أصحاب زرع" في كتاب الحرث وفي التوحيد في كلام الرب مع الملائكة. حديث عمر "كانت أموال بني النضير" في باب المجنّ من الجهاد وفي التفسير. حديث أبي هريرة "بينا أيوب يغتسل عريانًا" في أحاديث الأنبياء وفي التوحيد. حديث "لا تقسم ورثتي" في الخمس وقبله في الجهاد. حديث عبد الله بن عمرو "من قتل معاهدًا" في الجزية وباب من قتل معاهدًا، وفي الديات باب "من قتل ذميًّا". حديث أبي سعيد "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره" في الصلاة وفي صفة إبليس. حديث أبي هريرة "وكّلني بحفظ زكاة رمضان" في الوكالة وفي فضائل القرآن. حديث عدي بن حاتم "جاء رجلان أحدهما يشكو العيلة" في الصدقة قبل الردّ وفي علامات النبوّة. حديث أنس "انهزم الناس يوم أُحُد" في غزوة أُحُد وفي الجهاد ومناقب طلحة. حديث أبي موسى "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض ذات نخل" الحديث في علامات النبوّة وفي المغازي وفي التفسير. حديث ابن عباس "هذا جبريل" في غزوة بدر وفي غزوة أُحُد. حديث جابر "أمر عليًّا أن يقيم على إحرامه" في الحج وفي بعث عليّ من المغازي، حديث عائشة "كان يوضع إليّ المركن" في الطهارة وفي الاعتصام. وهذا آخر ما وجدته بخط الحافظ ابن حجر من ذلك، ورأيت في البخاري أيضًا حديث أبي هريرة: "كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام" في باب لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، من كتاب الاعتصام وفي تفسير سورة البقرة وفي باب ما يجوز من تفسير التوراة في كتاب التوحيد.
وأما اقتصاره أي البخاري على بعض المتن من غير أن يذكر الباقي في موضع آخر، فإنه لا يقع
له ذلك في الغالب إلا حيث يكون المحذوف موقوفًا على الصحابي وفيه شيء قد يحكم برفعه فيقتصر على الجملة التي يحكم لها بالرفع ويحذف الباقي، لأنه لا تعلق له بموضوع كتابه، كما وقع له في حديث هذيل بن شرحبيل عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: "إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون". هكذا أورده وهو مختصر من حديث موقوف أوّله "جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال: إني أعتقت عبدًا لي سائبة فمات وترك مالاً ولم يدع وارثًا فقال عبد الله: إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون فأنت وليّ نعمته فلك ميراثه فإن تأثمت وتحرجت في شيء فنحن نقبله منك ونجعله في بيت المال" فاقتصر البخاري على ما يعطى حكم الرفع من هذا الموقوف وهو قوله إن أهل الإسلام لا يسيبون، لأنه يستدعي بعمومه النقل عن صاحب الشرع لذلك الحكم، واختصر الباقي لأنه ليس من موضوع كتابه، وهذا من أخفى المواضع التي وقعت له من هذا الجنس. فقد اتضح أنه لا يعيد إلا لفائدة حتى لو لم يظهر لإعادته فائدة من جهة الإسناد ولا من جهة المتن، لكان ذلك لإعادته لأجل مغايرة الحكم الذي تشتمل عليه الترجمة الثانية موجبًا لئلا يعدّ تكرارًا بلا فائدة. كيف وهو لا يخليه مع ذلك من فائدة إسنادية وهي إخراجه للإسناد عن شيخ غير الشيخ الماضي أو غير ذلك.
وأما إيراده للأحاديث المعلقة مرفوعة وموقوفة فيوردها تارة مجزومًا بها كقال وفعل فلها حكم الصحيح، وغير مجزوم بها كيروى ويذكر. فالمرفوع تارة يوجد في موضع آخر منه موصولاً وتارة معلقًا، فالأوّل وهو الموصول إنما يورده معلقًا حيث يضيق مخرج الحديث إذ إنه لا يكرر إلا لفائدة، فمتى ضاق المخرج واشتمل المتن على أحكام واحتاج إلى تكريره يتصرف في الإسناد بالاختصار خوف التطويل، والثاني وهو ما لا يوجد فيه إلا معلقًا، فأما أن يذكره بصيغة الجزم فيستفاد منه الصحة عن المضاف إلى من علق عنه وجوبًا لكن يبقى النظر فيمن أبرز من رجال ذلك الحديث، فمنه ما يلحق بشرطه ومنه ما لا يلحق، فأما الأوّل فالسبب في كونه لم يوصل إسناده لكونه أخرج ما يقوم مقامه فاستغنى عن إيراده مستوفيًا ولم يهمله بل أورده معلقًا اختصارًا، أو لكونه لم يحصل عنده مسموعًا، أو سمعه وشك في سماعه له من شيخه، أو سمعه مذاكرة فلم يسقه مساق الأصل، وغالب هذا فيما أورده عن مشايخه، فمن ذلك أنه قال في كتاب