من حديث أبي جهم تستغيث ربها وتدعوه (حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها) بفتح الطاء والراء ودرعها بكسر الدال وسكون الراء أي قميصها لئلا تعثر في ذيله (ثم سعت سعي الإنسان المجهود) أي الذي أصابه الجهد وهو الأمر الشاق (حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت) ولأبي ذر فنظرت بالفاء بدل الواو (هل ترى أحدًا فلم ترَ أحدًا ففعلت ذلك سبع مرات).
(قال ابن عباس قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فلذلك سعي الناس) بسكون العين وجر الناس ولأبي ذر وابن عساكر فلذلك سعي الناس (بينهما) بين الصفا والمروة.
(فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا فقالت: صه) بفتح الصاد وكسر الهاء منونة في الفرع وفي بعض الأصول بسكونها أي اسكتي (تريد نفسها) لتسمع ما فيه فرج لها (ثم تسمعت) أي تكلفت السماع واجتهدت فيه (فسمعت أيضًا فقالت قد أسمعت) بفتح التاء (إن كان عندك غواث) أي فأغثني فجزاء الشرط محذوف. وغواث بكسر الغين المعجمة وفتح الواو مخففة وبعد الألف مثلث كذا في الفرع وأصله وفيه لأبي ذر غواث بضم الغين. وقال الحافظ ابن حجر: غواث بفتحها للأكثر، وقال في المصابيح: وبذلك قيده ابن الخشاب وغيره من أئمة اللغة. وقال في الصحاح: غوّث الرجل إذا قال واغوثاه والاسم الغوث والغواث والغواث. قال الفراء يقال أجاب الله دعاءه وغوائه. قال: ولم يأت في الأصوات شيء بالفتح غيره، وإنما يأتي بالضم مثل البكاء والدعاء وبالكسر مثل النداء والصياح قال الشاعر:
بعثتك مائرًا فلبثت حولاً ... متى يأتي غواثك من تغيث
وقال في القاموس: والاسم الغوث والغواث بالضم وفتحه شاذ واستغاثني فأغثته إغاثة ومغوثة والاسم الغياث بالكسر، (فإذا هي بالملك) جبريل (عند موضع زمزم فبحث) بالمثلثة (بعقبه) أي حفر بمؤخر رجله. قال السهيلي في تفجيره إياها دون أن يفجرها باليد أو غيرها إشارة إلى أنها لعقب إسماعيل وراثة وهو محمد وأمته كما قال تعالى {وجعلها كلمة باقية} [الزخرف: 28] في عقبه أي في أمة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أو قال بجناحه) شك من الراوي (حتى ظهر الماء فجعلت) هاجر
(تحوّضه) بالحاء المهملة المفتوحة والواو المشدّدة المكسورة وبالضاد المعجمة أي تصيره كالحوض لئلا يذهب الماء (وتقول بيدها هكذا) هو حكاية فعلها وهو من إطلاق القول على الفعل (وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف) أي ينبع كقوله تعالى: {وفار التنور} [هود: 40].
(قال ابن عباس) بالسند السابق (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء) شك من الراوي (لكانت زمزم عينًا معينًا) بفتح الميم جاريًا على وجه الأرض لأنها لما داخلها كسب هاجر قصرت على ذلك (قال: فشربت) هاجر (وأرضعت ولدها فقال لها الملك) جبريل (لا تخافوا الضيعة) بفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية الهلاك وعبر بالجمع على القول بأن أقل الجمع اثنان أو هما وذرية إسماعيل أو أعم. وفي حديث أبي جهم لا تخافي أن ينفد الماء وعند الفاكهي من رواية عليّ بن الوازع عن أيوب لا تخافي على أهل هذا الوادي ظمأ فإنها عين يشرب بها ضيفان الله (فإن هاهنا بيت الله) بنصب بيت اسم إن ولأبي ذر عن الحموي والمستملي هذا بيت الله (يبني هذا الغلام وأبوه) بحذف ضمير المفعول وعند الإسماعيلي يبنيه بإثباته (وإن الله لا يضيع أهله) بضم التحتية الأولى وكسر الثانية مشددة بينهما معجمة مفتوحة (وكان البيت) الحرام (مرتفعًا من الأرض كالرابية) بالراء وبعد الألف موحدة ثم تحتية ما ارتفع من الأرض. وعند ابن إسحاق أنه كان مدرة حمراء (تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله فكانت) هاجر (كذلك) تشرب وترضع ولدها، ولعلها كانت تغتذي بماء زمزم فيكفيها عن الطعام والشراب (حتى مرت بهم رفقة) بضم الراء جماعة مختلطون (من جرهم) بضم الجيم والهاء بينهما راء ساكنة غير منصرف