البراق (وهي ترضعه) الواو للحال (حتى وضعهما) ولأبي ذر عن الكشميهني: فوضعهما (عند) موضع (البيت) الحرام قبل أن يبنيه (عند دوحة) بدال وحاء مفتوحتين مهملتين بينهما واو ساكنة شجرة عظيمة (فوق زمزم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فوق الزمزم (في أعلى) مكان (المسجد وليس بمكة يومئذٍ أحد) ولا بناء (وليس بها ماء فوضعهما هنا لك ووضع عندهما جرابًا) بكسر الجيم من جلد (فيه تمر وسقاء فيه ماء) بكسر السين قربة صغيرة (ثم قفى إبراهيم) بفتح القاف والفاء المشددة ولّى راجعًا حال كونه (منطلقًا) إلى أهله بالشام وترك إسماعيل وأمه عند موضع البيت، (فتبعته أم إسماعيل فقالت) له (يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا) ولأبي ذر في هذا (الوادي الذي ليس فيه أنس) بكسر الهمزة ضد الجن ولأبي ذر وابن عساكر أنيس (ولا شيء؟ فقالت: له ذلك مرارًا. وجعل) إبراهيم (لا يلتفت إليها فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا)؟ بمدّ همزة الله وسقط لأبي ذر الذي (قال) إبراهيم: (نعم). وفي رواية عمر بن شبة في كتاب مكة من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير أنها نادته ثلاثًا فأجابها في الثالثة فقالت له من أمرك بهذا قال الله (قالت: إذًا لا يضيعنا) وفي رواية ابن جريج فقالت حسبي (ثم رجعت) إلى موضع الكعبة (فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية) بالمثلثة وكسر النون وتشديد التحتية بأعلى مكة حيث دخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة (حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت) أي موضعه (ثم دعا بهؤلاء الكلمات) ولأبي ذر بهؤلاء الدعوات (ورفع يديه فقال رب) ولأبي ذر عن الكشميهني: ربنا وهو الموافق للتنزيل (إني أسكنت) ذرية (من ذرّيتي) فالجار: صفة لمفعول محذوف أو من مزيدة عند الأخفش والمراد بالذرية إسماعيل ومن ولد منه فإن إسكانه متضمن لإسكانهم (بوادٍ) أي في واد هو مكة (غير ذي زرع) قال في الكشاف: لا يكون فيه شيء من زرع قط كقوله: قرآنًا عربيًّا غير ذي عوج بمعنى لا يوجد فيه اعوجاج ما فيه إلا الاستقامة لا غير اهـ.

قال الطيبي: هذه المبالغة يفيدها معنى الكناية لأن نفي الزرع يستلزم كون الوادي غير صالح للزرع ولأنه نكرة في سياق النفي. (عند بيتك المحرم) الذي يحرم عنده ما لا يحرم عند غيره أو حرمت التعرض له والتهاون به أو لم يزل معظمًا يهابه كل جبارًا وحرم من الطوفان أي منع منه كما سمي عتيقًا لأنه أعتق من الطوفان أو لأنه موضع البيت حرم يوم خلق السماوات والأرض وحف بسبعة من الملائكة (حتى بلغ يشكرون) أي تلك النعمة.

قال في الكشاف: فأجاب الله دعوة خليله فجعله حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقًا من لدنه ثم فضله في وجود أصناف الثمار فيه على كل ريف وعلى أخصب البلاد وأكثرها ثمارًا وفي أي بلد من بلاد الشرق والمغرب ترى الأعجوبة التي يريكها الله بواد غير ذي زرع وهي اجتماع البواكير والفواكه المختلفة الأزمان من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد وليس ذلك من آياته بعجب أعادنا الله إلى حرمه بمنّه وكرمه ووفقنا لشكر نعمه وثبت قوله عند بيتك المحرم في رواية أبي ذر.

(وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد) بكسر الفاء أي فرغ (ما في السقاء عطشت وعطش ابنها) إسماعيل بكسر الطاء فيهما، وزاد الفاكهي من حديث أبي جهم فانقطع لبنها، وكان إسماعيل حينئذٍ ابن سنتين (وجعلت) هاجر (تنظر إليه يتلوى) يتقلب ظهرًا لبطن (أو قال يتلبط) بالموحدة المشددة بعد اللام آخره طاء مهملة أي يتمرغ ويضرب بنفسه على الأرض من لبط به إذا صرع. وقال الداودي: يحرك لسانه وشفتيه كأنه يموت، وللكشميهني: يتلمظ بميم وظاء معجمة بدل الموحدة والمهملة. (فانطلقت) هاجر حال كون انطلاقها (كراهية أن تنظر إليه) في هذه الحالة الصعبة (فوجدت الصفا) بالقصر (أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي) حال كونها (تنظر هل ترى أحدًا فلم ترَ فهبطت من الصفا) بفتح الموحدة من هبطت. وعند الفاكهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015