"وقيل الأكثر" يعني يرجح قول الأكثر، كما في حديث: ((لا نكاح إلا بولي))، الأكثر على وصله، وممن أرسله شعبة وسفيان، فرجح قول الأكثر، وهل نستطيع أن نقول: إن البخاري رجح قول الأكثر؟ لا، لا نستطيع أن نقول: الإمام البخاري رجح قول الأكثر لمجرد الكثرة؛ لأنه يقابله القول الرابع: "وقيل الأحفظ" فلا شك أن الكثرة سواء كانت في الأشخاص، أو في الأوصاف لها دور في الترجيح، لكن أحياناً راو واحد من الرواة يعدل عشرة من الرواة، فإن نظرنا إلى وصفه رجحناه، وإذا نظرنا إلى العدد، والعدد كما يقول الإمام الشافعي: أولى بالحفظ من الواحد، ولذا يختلف أهل العلم، تتباين أنظارهم في هذا، فقد يرجح إمام للكثرة، ويرجح بعضهم للحفظ "وقيل: الأكثر" وهذا نقله الحاكم في المدخل عن أئمة الحديث؛ لأن تطرق السهو والخطأ إلى الأكثر أبعد، والإمام الشافعي -رحمه الله- يقول: العدد أولى بالحفظ من الواحد، العدد أولى بالحفظ من الواحد، يعني والسهو والغفلة يتطرق إلى الواحد أكثر من المجموع "وقيل الأحفظ" وثمة قول خامس ذكره السبكي، وهو تساويهما، تساوي الوصل والإرسال، والمسألة ومحل الخلاف فيما لم يظهر فيه ترجيح، بغير كثرة، وحفظ، وإتقان، يعني الوصل يرويه أكثر، والإرسال يرويه أحفظ، أو العكس، ولم نجد مرجحاً؛ نقول متساويان؛ لأن كثرة الأوصاف تساوي كثرة الأشخاص، والعبرة بالحفظ، والضبط، والإتقان، وإذا تضافر حفظ أكثر من شخص في مقابل شخص يفوق كل واحد منهم على انفراده؛ لا شك أن هذا يحتاج إلى مرجح، يحتاج إلى مرجح، والحق في هذه المسألة: مسالة التعارض على ما ظهر من استقراء صنيع الأئمة، صنيع الأئمة المتقدمين، كأحمد، والبخاري، وابن مهدي، والقطان أنهم لا يحكمون بحكم عام مضطرد، لا يحكمون بحكم عام مضطرد، حكم كلي، بل ذلك دائر مع القرائن، فالذي ترجحه القرائن يرجح، ومثل هذا الترجيح، ومثل هذا، إنما يخاطب به من تأهل، أما الطالب في بداية الطلب، وقد أوصيناه بأن يكثر من التخريج، والنظر في الأسانيد، ويحكم على الأحاديث، ويقارن أحكامه بأحكام الأئمة، ويعرض عمله على أصحاب الشأن، فإنه لابد بأن يتخذ قاعدةً مضطردةً، وإلا كيف يدرك، وهو ما يعرف القرائن، ولا يعرف مرجحات،