لكن هذه القرائن، وهذه المرجحات ملكة تتولد عنده بعد الإكثار، وبعد المران، وبعد الدربة، أما في أول الأمر لا يستطيع أن يرجح بالقرائن، وتوجيه الطالب المبتدأ، ومن في حكم المبتدأ إلى أن يحاكي المتقدمين، ويرجح بالقرائن، ولا يحكم بحكم عام مضطرد؛ هذا تضييع له، هذا تضييع، وتوليد للجراءة على العلماء، وعلى السنة –أيضاً-، ففي أول الأمر الطالب يخرج، ويستخرج الأحاديث بطرقها، من مصادرها الأصلية، بأسانيدها، بألفاظها، ثم ينظر في الأسانيد من خلال كتب الرجال من حيث الاتصال والانقطاع، ومن حيث القوة والضعف، ثم بعد ذلك يرجح على ضوء قواعد مضطردة عند أهل العلم المتأخرين التي قرروها في كتبهم، ثم بعد ذلك إذا تهيأ له، وتيسر أن يحكم على عشرات الأحاديث، ثم مئات الأحاديث بهذه الطريقة تتولد له الملكة، لا سميا إذا اعتنى بأحكام الأئمة، وعرض عمله على أهل الاختصاص، ثم إذا مشينا على القول الرابع، ورجحنا الأحفظ، إذا مشينا على القول الأخير "وقيل: الأحفظ ثم" بعد ذلك "فما إرسال عدل يحفظ" هذا الأحفظ الذي رجحنا روايته، سواء كانت متصلة، أو مرسلة، إذا رجحناه بالمقابل المرجوح؛ هل نقدح فيه، وفي مرويه؛ لأننا رجحنا غيره عليه؟ الآن وجدنا أحفظ، ورجحنا روايته على رواية غيره، الغير هذا الذي رجح الأحفظ عليه، المرجوح، هل هذا قادح فيه، وفي مرويه؟ لأننا رجحنا عليه، يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:

. . . . . . . . . ... ثم فما إرسال عدل يحفظ

يقدح في أهلية الواصل .... ... . . . . . . . . .

يعني في ضبطه، اللهم إلا إذا كثرت هذه المخالفة، إذا كثرت هذه المخالفة، يعني رجحنا مرة عليه؛ ما نقدح فيه، رجحنا مرتين؛ ما نقدح فيه، لكن إذا كان ديدنه مخالفة الثقات، كلما قارنا أحاديثه بأحاديث الثقات؛ رجحنا الثقات عليه، معناه أنه مرجوح، لا يحفظ، وعلى هذا يقدح في روايته؛ لأنه يخالف الثقات، ولا يوافقهم:

يقدح في أهلية الواصل أو ... . . . . . . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015