قال: [بفعله المصدر ألحق في العمل مضافاً ومجرداً أو مع أل] هذه ثلاث حالات للمصدر: يعمل مضافاً، ويعمل مجرداً من الإضافة ويمكن أن نقول: ومن (أل) أيضاً، وكلها يعمل فيها عمل فعله.
مثاله مضافاً: قول تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} [البقرة:251] فـ (دفع) مضاف والاسم الكريم مضاف إليه، والناس: مفعول لدفع.
ومثاله مجرداً قوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا} [البلد:14 - 15]، فهنا (إطعام) مجرد عمل عمل فعله، لكن إذا كان غير مضاف ولا محلى بـ (أل) يجب تنوينه.
مثاله مع أل قولنا: عجبت من الضرب عمراً، أو عجبت من الأكل طعاماً أي: من أكلك الطعام أو من ضربك عمراً.
ومثاله أيضاً قول الشاعر: فإنك والتأبين عروة بعدما دعاك وأيدينا إليه شوارع فالشاهد: (والتأبين عروة) حيث نصب عروة بالتأبين وهو مصدر محلى بأل.
وكذلك قول الشاعر: لقد علمت أولى المغيرة أنني كررت لم أنكل عن الضرب مسمعا والشاهد: (عن الضرب مسمعاً) حيث نصب مسمعاً بالضرب.
وهذا على كل حال قليل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [إن كان فعل مع أن أو ما يحل محله ولا اسم مصدر عمل] مثال ذلك: عجبت من ضربك زيداً، فأجعل محله فعلاً مصدراً بأن، فأقول: عجبت من أن تضرب زيداً، أو (ما) المصدرية؛ عجبت مما تضرب زيداً، أي: من ضربك.
وقوله: (أو ما يحل محله) احتراز مما إذا لم يحل محله (أن) و (ما)، كما في قولك: ضربي شديد، فهنا لا يحل محله أن والفعل؛ لأنك لا تستطيع أن تقول: أن أضرب شديداً.
وإذا قلت: مثلاً: حمل البعير ثقيل، لا يعمل؛ لأنه ليس على تقدير أن ولا ما.
وقولك: عجبت من ضربك العبد مكتوفاً، الذي يحل محله: أن تضربه.
قال: (ولاسم مصدر عمل).
جار ومجرور خبر مقدم، و (عمل) مبتدأ مؤخر.
والمعنى: أن اسم المصدر يعمل كما يعمل المصدر، لكن الفرق بينهما أن اسم المصدر ما كان فيه معنى الفعل دون حروفه، والمصدر ما كان فيه حروف الفعل.
فالكلام اسم مصدر؛ لأن المصدر تكليم.
والسلام اسم مصدر؛ لأن المصدر تسليم.
وأخرجته خروجاً، فخروجاً اسم مصدر؛ لأن المصدر إخراج.
وفي قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح:17]، (نباتاً) اسم مصدر.
وتقول: عجبت من كلامك زيداً، فهذا اسم مصدر، عمل عمل الفعل.
فـ (عجبت) فعل وفاعل.
و (من): حرف جر، (كلامك) كلام: اسم مجرور بمن، وهو مضاف، والكاف ضمير مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.
و (زيداً) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.