هذا الفصل لإعمال المصدر، والمصدر تقدم لنا أنه اسم ما سوى الزمان من مدلولي الفعل، مثل أمنٍ من أمن، ومثل ضربٍ من ضرب، وأكلٍ من أكل، وشربٍ من شرب إلى آخره.
والمصدر يعمل عمل فعله لكن بشروط؛ ولهذا قال: [بفعله المصدر ألحق في العمل].
(المصدر) مفعول مقدم لقوله: (ألحق).
و (بفعله) جار ومجرور متعلق بألحق.
يعني: ألحق المصدر بفعله في العمل، فإن كان الفعل لازماً صار المصدر لازماً، وإن كان متعدياً لواحد صار متعدياً لواحد، وإن كان متعدياً لاثنين أصلهما المبتدأ والخبر صار متعدياً لاثنين أصلهما المبتدأ والخبر، أو كان متعدياً لاثنين ليس أصلهما مبتدأ وخبراً فالمصدر كذلك.
فالمهم أن يكون حسب فعله، فتقول: يعجبني ضربك زيداً، فهنا متعدٍ لواحد هو (زيداً) والكاف هذه محل فاعل؛ لأنك أنت ضارب وزيداً مضروب فهو مفعول به.
قال الله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا} [البلد:14 - 15]، فقوله: (يتيما) مفعول به للمصدر (إطعام).
المتعدي لاثنين ليس أصلهما المبتدأ والخبر مثاله: يعجبني كسوتك زيداً قميصاً.
نصب المصدر مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر وهما زيداً وقميصاً، فتقول: (كسوة) مضاف و (الكاف) مضاف إليه وهو هنا مضاف إلى فاعله، وزيداً مفعول أول، وقميصاً مفعول ثاني.
ومثال المتعدي لاثنين أصلهما المبتدأ والخبر، تقول: عجبت من ظنك عيسى نائماً.
تقول: (ظن) مضاف، و (الكاف) مضاف إليه من باب إضافة المصدر إلى فاعله، (عيسى) مفعول أول منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، و (نائماً) مفعول ثان منصوب بالفتحة الظاهرة.
ولو كان الفعل ينصب ثلاثة مفاعيل فإن المصدر ينصب ثلاثة مفاعيل، مثاله: عجبت من إعلامك زيداً عمراً قائماً، ومعنى المثال: أنك معلم زيد أن عمراً قائم؛ فأنا عجبت من ذلك.
نقول: (إعلام) مضاف، و (الكاف) مضاف إليه، وهو من باب إضافة المصدر إلى فاعله، و (زيداً) مفعول أول، و (عمراً) مفعول ثان، و (قائماً) مفعول ثالث.