التمييز بعد صيغ التعجب

قوله: (وبعد كل ما اقتضى تعجباً ميز).

أي: أنه يأتي التمييز بعد كل عامل اقتضى التعجب.

والتعجب له صيغتان اصطلاحيتان، وله صيغ متعددة من حيث المعنى، أي أن التعجب يراد به التعجب اللفظي الذي يقع بصيغته المعينة، ويراد به التعجب المعنوي الذي دل عليه السياق.

فالصيغتان الاصطلاحيتان للتعجب هما: ما أفعله، وأفعل به.

تقول: ما أحسن السماء، يقولون: إن ابنة أبي الأسود الدؤلي قالت ذات ليلة: يا أبت! ما أحسنُ السماءِ، قال: يا بنية! نجومها.

والجواب صحيح؛ لأنها الآن تستفهم عن أحسن شيء في السماء؟ فقال: نجومها.

فقالت: يا أبت! لست أريد هذا، أريد أن السماء حسنة وجميلة، فقال لها: يا بنية! ألا فتحت فاكِ وقلت: ما أحسنَ السماءَ! فهذه صيغة من الصيغ، ومثالها قوله تعالى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة:175].

تقول مثلاً: ما أحسن زيداً أدباً! أدباً: تمييز؛ لأنها أتت بعد التعجب، وكذلك أيضاً تقول: ما أجمله وجهاً، نقول أيضاً: وجهاً: تمييز لأنها أتت بعدما اقتضى التعجب.

وتقول مثلاً: أكرِم بزيدٍ ضيافة، ضيافة: تمييز؛ لأنها أتت بعد فعل التعجب.

ومن مثال المؤلف: (أكرِم بأبي بكر أباً)، يعني أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وإعرابها: أكرم: فعل تعجب مبني على السكون وفاعله مستتر وجوباً تقديره أنت.

بأبي بكر: جار ومجرور متعلق بأكرم.

وأباً: تمييز منصوب وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره.

كذلك تقول: ما أحسن زيداً أدباً: ما: تعجبية مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ.

وأحسن: فعل ماض مبني على الفتح، وفاعله مستتر وجوباً تقديره هو.

زيداً: مفعول به منصوب، وعامله أحسن.

أدباً: تمييز منصوب وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره.

فهذا الذي يأتي بعد التعجب بصيغتين اصطلاحيتين.

كذلك الذي يأتي بعد التعجب بدون الصيغ المعروفة كقولهم: لله درُّه فارساً؛ لله: جار ومجرور خبر مقدم.

دره: در: مبتدأ مؤخر وهو مضاف إلى الهاء.

وفارساً: تمييز منصوب.

وليس بلازم أن يأتي تمييز كلما جاء للتعجب، لكن ما أتى بعد التعجب منصوباً فهو تمييز.

وصيغة (أفعل به) فيها ما ذكرنا من الإعراب، وفيها رأي آخر يقول: (أفعل) وإن كان بصيغة الأمر لكن معناه الخبر، وعلى هذا يكون (به) هو الفاعل، ويقولون: إن الباء زائدة كزيادتها في قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء:79]، ويقولون: إن الجملة هنا ليست إنشائية ولكنها خبرية: وإن (أكرم به)، معناها: ما أكرمه!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015